وقد أمرهم الله تعالى باتِّباع النبى فى كل ما يقول أو يفعل، لقوله
تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}. [الحشر:
من ٧].
وحذَّرهم من مخالفته - صلى الله عليه وسلم -، فقال تعالى: {فليحذر
الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
[النور: من ٦٣].
وسار المسلمون على نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتلقفوا
كل ما يتلفظ به، يحفظونه عن ظهر قلب ويعملون به، وكان الحديث
هو أول العلوم التى اشتغلوا بها، لكنهم لم يدونوه فى حياة النبى
- صلى الله عليه وسلم -، ويروى أنه هو نفسه نهاهم عن ذلك، لئلا
يختلط بالقرآن، فقال: (لا تكتبوا عنّى، فمن كتب عنى غير القرآن
فليمحهـ) [صحيح مسلم]، بالإضافة إلى أن الصحابة أنفسهم كانوا
يتحرجون من الإكثار من رواية الحديث، تهيبًا وخوفًا من الخطأ
والنسيان.
- تدوين الحديث:
ظلت أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتناقلها العلماء
مشافهة جيلا بعد جيل، حتى نهاية القرن الأول الهجرى، وإن دوَّن
بعض الناس أحاديث رسول الله كعبدالله بن عمرو الذى أذن له النبى
بكتابة الحديث فى حياته، وما رواه البخارى من أن (أبا شاه
اليمنى)، التمس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب شيئًا
من خطبته عام الفتح، فقال: (اكتبوا لأبى شاهـ)، ثم أمر الخليفة (عمر
بن عبدالعزيز) بتدوين الحديث خوفًا من ضياعه بموت العلماء الذين
يحفظونه، فكتب إلى (أبى بكر بن حزم) والى (المدينة) وغيره من
ولاة الأقاليم، وطلب منهم جمع أحاديث النبى - صلى الله عليه وسلم -
وتدوينها، ومن ثم بدأ المسلمون يقبلون على ذلك، وبمضى الزمن
تضاعفت جهود العلماء فى هذا الميدان، ومن أشهر الرجال الذين
اشتغلوا بجمع الحديث وروايته وتدوينه فى العصر الأموى: (محمد بن
مسلم بن شهاب الزهرى) المتوفى سنة (١٢٤هـ)، و (ابن جريج المكى)
المتوفى سنة (١٥٠هـ)، و (ابن إسحاق) المتوفى سنة (١٥١هـ)،