للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهرت بعض علوم اللغة كالنحو والصرف والعروض فى العصر الأموى،

وكان الناس قبل ظهور الإسلام وبعده بفترة حتى عهد (على بن أبى

طالب) يتحدثون بلغة عربية، سليمة الأداء، فصيحة النطق، بالفطرة

والسليقة اللغوية، دون أن يعرفوا نحوًا أو صرفًا، غير أن الأمر اختلف

بعد دخول كثير من أبناء البلاد المفتوحة فى الإسلام؛ حيث بدأ ظهور

الخطأ واللحن فى اللغة، ومن ثم ظهرت الحاجة إلى علم لضبط النطق

السليم للكلمات العربية.

نشأة علم النحو:

يُعد أمير المؤمنين (على بن أبى طالب) أول من أشار بوضع قواعد

علم النحو، حيث كلَّف أحد ولاته وكتَّابه وهو (أبو الأسود الدؤلى)

المتوفى سنة (٦٩هـ) بوضع قواعد علم النحو، ويروى (أبو الأسود)

نفسه أنه دخل على أمير المؤمنين (على بن أبى طالب) فوجد فى

يده رقعة، فسأله عنها، فقال: إنى تأملت كلام العرب فوجدته قد

فسد، فأردت أن أضع شيئًا يرجعون إليه، وألقى الرقعة إلى (أبى

الأسود)، فوجد مكتوبًا فيها: الكلام كله اسم، وفعل، وحرف، فالاسم

ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبئ به -حيث يدل على الحدث

وزمانه - والحرف ما أفاد معنى، ثم قال (على) لأبى الأسود: انحُ هذا

النحو وأضف إليه ما وقع لك، فقال (أبو الأسود): فوضعت باب العطف

والنعت، ثم بابى التعجب والاستفهام، إلى أن وصلت إلى باب: إن

وأخواتها ماخلا لكنَّ، فلما عرضتها على (علىِّ) أمرنى بضم لكنَّ

إليها، وكنت كلما وضعت بابًا من أبواب النحو عرضته عليه، إلى أن

حصلت ما فيه الكفاية، فقال (على): ما أحسن هذا النحو الذى نحوت،

ومن هنا ظهر علم النحو.

ولما كان (أبو الأسود) من أهل البصرة، فقد ورثوا عنه حبه للنحو،

والاهتمام به، وكانوا أول من اشتغل به، فطوروه، وجددوه وأضافوا

إليه ما زاده بيانًا ووضوحًا، ودوَّنوا فيه المؤلفات المبكرة، ومن

هؤلاء: (يحيى بن يعمر)، و (عنبسة بن معدان)، و (عيسى بن عمر

الثقفى) المتوفى سنة (١٤٩هـ)، أحد علماء مدرسة (البصرة) فى

النحو.

<<  <  ج: ص:  >  >>