وعلى يد (عيسى بن عمر) تتلمذ أشهر علماء النحو واللغة فى ذلك
العصر وهو (الخليل بن أحمد) المولود سنة (٩٦هـ)، والمتوفى سنة
(١٧٠هـ)، وهو صاحب معجم (العين) الذى هو أول معجم فى العربية،
وواضع علم العروض، الخاص بأوزان الشعر العربى ومعرفة بحوره.
ثم تتلمذ على يد (الخليل بن أحمد الفراهيدى) عدد من النحاة، يأتى
فى مقدمتهم (سيبويه) (عمرو بن عثمان) إمام النحاة، وصاحب
(الكتاب) أشهر مؤلِّف فى النحو العربى. وتُوفِّى (سيبويه) وهو فى
الثانية والثلاثين من عمره سنة (١٨٠هـ).
علم السير والمغازى والتاريخ:
وهو يعد من أوائل العلوم التى اهتم بها المسلمون الأوائل، وبخاصة
أبناء الصحابة؛ حيث حرص آباؤهم على تعليمهم مغازى الرسول
- صلى الله عليه وسلم - كما كانوا يعلمونهم القرآن الكريم، بالإضافة
إلى شغفهم بمعرفة ما قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - والذين
معه من أجل الدعوة، ومن ثم اتجهوا إلى دراسة السير والمغازى،
وأخذها من مصادرها الوثيقة، من آبائهم وأهليهم الذين شهدوا
الأحداث، وشاركوا فى الغزوات، وكانوا يسألونهم مثلا: كيف كانت
غزوة (بدر)؟ ومن هم الذين شهدوها؟ ومتى كانت الهجرة إلى
(الحبشة)؟ وكان الصحابة يجيبون عن أسئلتهم إجابة شاهد العيان،
الذى رأى وسمع.
وكان من الطبيعى أن ينشأ هذا العلم فى مدينة رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، فهى البيئة التى شهدت معظم تلك الأحداث، ومنها بدأت
أولى خطوات التدوين والتأليف فى السيرة والمغازى، ومن أوائل
علماء السيرة والمغازى:
أبان بن عثمان:
أبوه الخليفة (عثمان بن عفان)، وُلد سنة (٢٠ هـ) بالمدينة، وكان من
فقهاء (المدينة) المعدودين، ومن كبار رواة الحديث، تتلمذ لأبيه وغيره
من كبار الصحابة، وتعلم على يديه كثير من علماء الحديث والسيرة،
فى مقدمتهم: (محمد بن مسلم بن شهاب الزهرى).
وعلى الرغم من اشتغاله بالحديث والفقه، فإن شهرته فى العلم