البيزنطيون المسلمين بسلاح لم يكن لهم به عهد، عُرف باسم «النار
الإغريقية» وهو مركب كيميائى يتكوَّن من النفط والكبريت والقار،
كانوا يشعلونه بالنار، ويقذفون به السفن الإسلامية، فتشتعل بها
النيران، ولم يجد «معاوية» بدّاً من رفع الحصار وعودة الجيش إلى
«دمشق».
- ثورات الخوارج في عهد معاوية:
لجأ الخوارج إلى القوة واستخدام السيف فى فرض أفكارهم وآرائهم
على الناس، وأبدوا فى صراعهم الدموى مع الدولة الأموية كثيرًا من
ضروب الشجاعة والتضحية والإقدام وكانت الأعداد القليلة منهم تهزم
جيوشًا جرارة للدولة، ولو أن شجاعتهم وبطولاتهم اتجهت اتجاهًا
صحيحًا، ووحدوا جهودهم مع الدولة الأموية فى مجال الفتوحات
الإسلامية ومحاربة أعداء الإسلام، لكان ذلك أجدى وأنفع، والعجيب
أن أغلبهم لم يكونوا من طلاب الدنيا، والتطلع إلى المال والمناصب،
وإنما كانوا طلاب آخرة، ولكنهم أخطئوا الطريق إليها، كما قال لهم
«عمر بن عبدالعزيز».
أعلن الخوارج وبخاصة «الأزارقة» حربًا شعواء على الدولة الأموية
منذ قيامها، ولم تفلح معهم سياسة «معاوية بن أبى سفيان» - رضى
الله عنه - القائمة على التسامح وسعة الأفق، فثاروا فى وجهه سنة
(٤١هـ) - أى عام الجماعة - قبل أن يغادر «الكوفة»، وكان أول من
ثار عليه «عبدالله بن أبى الحوساء» فى مكان قريب من «الكوفة»،
ثم ثار عليه «المستورد بن عُلَّنة الطائى».
وكان عجيبًا أن تشب هذه الثورات فى «الكوفة» أيام واليها
«المغيرة بن شعبة» الذى انتهج سياسة متسامحة مع الناس كلهم،
ولم يشأ أن يزيد فى آلام الناس فى «العراق»، أو ينكأ جروحهم بعد
الحروب الكثيرة التى عانوها فى «الجمل» و «صفين».
وكان حريا بالخوارج أن يركنوا إلى الهدوء ويبتعدوا عن سياسة
العنف إزاء سياسة التسامح التى انتهجها «المغيرة»، لكنهم تمرَّدوا
وثاروا، فاضطر «المغيرة» إلى التصدى لهم والقضاء على ثوراتهم.