الفتوحات في عهد عبد الملك بن مروان:
فتوحات زهير بن قيس البلوي:
تحرّك «زهير» بجيش كبير وزحف على «القيروان» سنة (٦٩هـ)،
والتقى على مقربة منها بجيش «كسيلة»، فهزم «البربر» هزيمة
ساحقة بعد معركة شديدة وفى أثناء عودته إلى «برقة» للدفاع
عنها - بعد ما نمى إلى علمه أن البيزنطيين زحفوا عليها فى جموع
عظيمة - تعرض لهجوم بيزنطى مفاجئ، فلقى حتفه هو ومن معه.
- حسّان بن النعمان ودوره فى فتح شمالى إفريقيا:
وصلت أخبار استشهاد «زهير» ومن معه إلى الخليفة «عبدالملك بن
مروان» وهو مشغول بصراعه مع الخوارج والشيعة وآل الزبير، فلم
يتمكن من القيام بعمل حاسم إلا بعد أن استقرت له الأوضاع، فأسند
قيادة جبهة الشمال الإفريقى إلى «حسان بن النعمان» وأمده بجيش
كبير من «مصر» والشام، بلغ عدده نحو أربعين ألف جندى.
واستطاع «حسان» بعد جهد جهيد القضاء على الوجود البيزنطى فى
الشمال الإفريقى، وأن يحطم مدينة «قرطاجنة» أكبر مركز بيزنطى،
وأن يبنى محلها مدينة «تونس» الحالية، كما قضى على كل مقاومة
للبربر، بعد أن حقق نصرًا هائلا على زعيمتهم الكاهنة التى آلت إليها
الزعامة بعد مقتل «كسيلة»، ونعم المسلمون بأولى فترات الاستقرار
فى «المغرب».
ولم يكن «حسان بن النعمان» قائدًا عسكريا عظيمًا فحسب، بل كان
رجل دولة وتنظيم وإدارة أيضًا، فأنشأ الدواوين، ورتَّب أمور الخراج
والجزية، ووطَّد سلطان الحكم الجديد فى الثغور والنواحى، وجدد
مدينة «القيروان»، وأنشأ بها المسجد الجامع، ووضع سياسات
مستقبلية انتهت بأهل الشمال الإفريقى كله إلى اعتناق الإسلام.
عبدالملك وإدارة الدولة:
أظهر «عبدالملك» براعة فائقة فى إدارة الدولة وتنظيم أجهزتها،
مثلما أظهر براعة فى إعادة الوحدة إلى الدولة الإسلامية، فاعتمد
على أكثر الرجال -فى عصره- مهارة ومقدرة، وأعظمهم كفاءة
وخبرة، وسياسة وإدارة، ومن أبرزهم «الحجاج بن يوسف الثقفى»