فتحه، فاستولى على حصن «راوَدْ»، ثم «برهماناباذ»، و «الرور»
و «بهرور»، ثم اجتاز نهر «بياس» وعبر إلى إقليم «الملتان»،
فاستولى عليه بعد قتال شديد، وغنم كميات كبيرة من الذهب.
وبينما يواصل «محمد بن القاسم» فتوحاته؛ إذ جاءته الأخبار بوفاة
«الحجاج» سنده وعونه فى الفتح، فاغتم لذلك غما شديدًا؛ لكنه
واصل فتوحاته حتى أتم فتح بلاد «السند»، وجاءته قبائل «الميد»
و «الجات» و «الزط» تقرع الأجراس فرحة هاتفة، مرحبة به، لأنهم عدُّوه
محررهم من ظلم الهندوس واستعبادهم.
وفى هذه الأثناء مات الخليفة «الوليد بن عبدالملك» سنة (٩٦هـ)،
وتولَّى أخوه «سليمان بن عبدالملك» منصب الخلافة، فعيَّن على
«العراق» «صالح بن عبدالرحمن»، وكان واحدًا من ألد خصوم
«الحجاج»، فقرر الانتقام منه على الرغم من وفاته سنة (٩٥هـ)، فى
شخص ابن عمه «محمد بن القاسم»، فعزله عن قيادة الجيش، ولم
يكتفِ بذلك، بل أمر بالقبض عليه ووضعه فى السجن، وظل يعذبه
حتى مات.
ومن العجيب أن هذا البطل الذى قتله أهله وعشيرته حزن عليه أهل
«السند» الذين فتح بلادهم، لما رأوا فى عهده من عدل وسماحة
وحرية، وصنعوا له التماثيل كما يروى «البلاذرى».
النهضة العمرانية في عهد الوليد:
شهد عصر الوليد بن عبد الملك نهضة عمرانية كبرى، فأعاد بناء
«المسجد النبوى» وأدخل عليه توسعات كبيرة، وعهد إلى ابن عمه
والى «المدينة» «عمر بن عبدالعزيز» بمتابعة ذلك، كما بنى «المسجد
الأقصى» فى مدينة «القدس»، وبنى «مسجد دمشق»، وأنفق عليه
كثيرًا ليكون آية من آيات العمارة، وعُنى عناية فائقة بتعبيد الطرق
التى تربط بين أجزاء الدولة، التى امتدت أطرافها من «الصين» شرقًا
إلى «الأندلس» غربًا، ومن «بحر قزوين» شمالا إلى «المحيط الهندى»
جنوبًا، وبخاصة الطرق التى تؤدى إلى «مكة المكرمة»، لتسهِّل سفر
حجاج بيت الله الحرام.
وفى عهده سبقت الدولة الإسلامية كل دول العالم فى تقديم الخدمات