-ووحدة القيادة العامة التى توجه الفتوحات، والتى تمثلت فى شخص
«الحجاج الثقفى» الذى وقف وراء ابن عمه «محمد بن القاسم
الثقفى» كما وقف وراء «قتيبة بن مسلم»، يعضِّد الفتح ويؤازره،
ويمده بالرجال والعتاد.
وقد سبق الفتحَ المنظم لبلاد «السند» سلسلةٌ من الحملات والغزوات
التى قام بها المسلمون لمعرفة طبيعة البلاد وجمع المعلومات عنها،
كما حدث لبلاد «ما وراء النهر»، فقد بدأ المسلمون يطرقون أبواب
هذا الإقليم منذ عهد «عمر بن الخطاب»، ويمدنا «البلاذرى» بمعلومات
ضافية عن حملات المسلمين الأولى قبل حملة «محمد بن القاسم
الثقفى» فاتح «السند» (٨٩ - ٩٦هـ).
عزم «الحجاج» على فتح إقليم «السند»، بعد أن استقرت أحوال
الدولة الأموية، فأسند هذه المهمة إلى «محمد بن القاسم» وكان دون
العشرين من عمره، وجهَّزه بما يكفل له النجاح من عدة وعتاد،
وأمدَّه بستة آلاف جندى من أهل الشام، بالإضافة إلى ما كان معه
من الجنود، فأصبح تحت قيادته نحو عشرين ألفًا فى تقدير بعض
المؤرخين.
اتخذ «محمد بن القاسم» من مقاطعة «مهران» فى جنوبى «فارس»
قاعدة للفتح ونقطة انطلاق، فقسَّم جيشه نصفين، أحدهما برِّى
والآخر بحرى، ثم تحرك قاصدًا مدينة «الديبُل» - وهى تقع قريبًا من
«كراتشى» الحالية فى «باكستان» - وفتح فى طريقه إليها
«فنزبول»، و «أرمائيل»، ثم وافته السفن التى كانت تحمل الرجال
والعتاد، فحاصر «الديبل» واستولى عليها بعد قتال دام ثلاثة أيام،
وترك فيها حامية من أربعة آلاف رجل، وبنى لهم مسجدًا.
وكان لفتح المسلمين مدينة «الديبل» أثر كبير فى أهل «السند»،
فسارعوا يطلبون الصلح فصالحهم «محمد بن القاسم» ورفق بهم، ثم
سار إلى «البيرون» - «حيدر آباد السند» حاليا - فتلقاه أهلها
وصالحوه كذلك، وكان لا يمر بمدينة إلا فتحها صلحًا أو عَنوة، وتوَّج
ذلك كله بالانتصار على «داهر» ملك «السند»، ومضى يستكمل