عرفوا أن المسلمين ليسوا غزاة، وإنما هداة يحملون إليهم الإسلام،
أقبلوا على اعتناقه والإيمان بمبادئه.
يقول المستشرق المجرى «أرمينوس فامبرى»: «إن بخارى التى
قاومت العرب فى البداية مقاومة عنيفة، قد فتحت لهم أبوابها،
لتستقبلهم ومعهم تعاليم نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، تلك التعاليم
التى قوبلت أول الأمر بمعارضة شديدة، ثم أقبل القوم عليها بعد ذلك
فى غيرة شديدة، حتى لنرى الإسلام الذى أخذ شأنه يضعف اليوم
فى جهات آسيا الأخرى، وقد غدا فى بخارى اليوم - (١٨٧٣م) - على
الصورة التى كان عليها أيام الخلفاء الراشدين».
- المرحلة الثالثة (٩٠ - ٩٣هـ):
وفيها أكمل فتح حوض نهر «جيحون» كله، وتوَّج عمله بالاستيلاء
على «سمرقند»، أعظم مدائن «ما وراء النهر» كلها.
- المرحلة الرابعة (٩٣ - ٩٦هـ):
وفيها عبر «قتيبة» نهر «سيحون»، وفتح الممالك السيحونية الثلاث:
«الشاش»، و «أشروسنة»، و «فرغانة»، ووصل إلى إقليم «كاشغر»
الذى يلامس حدود «الصين»، التى تهيأ لفتحها، لولا أن وفاة
«الحجاج» سنة (٩٥هـ)، وبعده الخليفة «الوليد بن عبد الملك» سنة
(٩٦هـ)، جعلته يتوقف عند هذا الحد، لكنه أجبر ملك «الصين» على
دفع الجزية له مع رسوله إليه «هُبيرة بن المشمرج الكلابى».
وقد أصبحت تلك البلاد جزءًا مهما وعزيزًا من العالم الإسلامى، نشأت
فيه مراكز علمية وحضارية، مثل «سمرقند»، و «بخارى»،
و «جرجان»، وغيرها، وخرجت عددًا هائلا من علماء المسلمين الذين
ملأت أسماؤهم سمع الدنيا وبصرها.
فتح السند:
بدأ «الحجاج بن يوسف الثقفى» يعد العدة لفتح إقليم «السند» فى
«شبه القارة الهندية»، بعد أن استقام الأمر له فى جنوبى بلاد فارس
وتوطدت أقدام المسلمين هناك، وقضى على تمرد «رتبيل» ملك
«سجستان»، وأخضع بلاده.
ويُعد فتح بلاد «السند» شبيهًا بفتح بلاد «ما وراء النهر» من عدة
وجوه، منها:
- وحدة الزمان، فقد فتح المسلمون «السند» سنة (٨٩هـ).