عدده نحو أربعين ألف جندى. واستطاع «حسان» بعد جهد جهيد
القضاء على الوجود البيزنطى فى الشمال الإفريقى، وأن يحطم
مدينة «قرطاجنة» أكبر مركز بيزنطى، وأن يبنى محلها مدينة
«تونس» الحالية، كما قضى على كل مقاومة للبربر، بعد أن
حقق نصرًا هائلا على زعيمتهم الكاهنة التى آلت إليها الزعامة
بعد مقتل «كسيلة»، ونعم المسلمون بأولى فترات الاستقرار فى
«المغرب». ولم يكن «حسان بن النعمان» قائدًا عسكريا عظيمًا
فحسب، بل كان رجل دولة وتنظيم وإدارة أيضًا، فأنشأ
الدواوين، ورتَّب أمور الخراج والجزية، ووطَّد سلطان الحكم
الجديد فى الثغور والنواحى، وجدد مدينة «القيروان»، وأنشأ
بها المسجد الجامع، ووضع سياسات مستقبلية انتهت بأهل
الشمال الإفريقى كله إلى اعتناق الإسلام. حلّ «موسى بن
نصير» سنة (٨٥هـ) محل «حسان بن النعمان» فى ولاية شمالى
إفريقيا وقيادة جيوش الفتح بها، فأكمل ما بدأه سابقوه من
القادة العظام، وقدِّر له أن يجنى ثمار غرسهم، ففى ولايته تم
فتح «المغرب» كله، وأقبل أبناؤه على اعتناق الإسلام فى
حرية تامة، بعدما أدركوا وفهموا ما يحمله من عزة وكرامة
وحرية وعدل ومساواة.