بالحكم من بعده، وجعل «كافورًا» وصيا عليه لأن «أنوجور»
كان فى ذلك الوقت صغيرًا، ومات الإخشيد بدمشق سنة (٣٣٤هـ
= ٩٤٦م (. وعندما تولَّى «أنوجور» ابن محمد بن طغج حكم
«مصر» سنة (٣٣٤هـ) كان لايزال طفلا صغيرًا لا يتجاوز الرابعة
عشرة من عمره، فقام «كافور» بتدبير أموره وأمور الدولة،
وبقيت علاقتهما - كما كانت - علاقة الأستاذ بتلميذه، وأصبح
«كافور» صاحب السلطان المطلق فى إدارة الدولة الإخشيدية،
واستطاع التغلب على المشاكل التى قابلت الدولة فى مستهل
ولاية «أنوجور»، وتمكن من القبض على زمام الأمور بيده،
وخاطبه الناس بالأستاذ، وذُكِرَ اسمه فى الخطبة، ودُعى له على
المنابر فى «مصر» والبلاد التابعة لها، كما عامل رؤساء الجند
وكبار الموظفين معاملة حسنة، فاكتسب محبتهم واحترامهم،
فلما كبر «أنوجور» شعر بحرمانه من سلطته، فظهرت الوحشة
بينه وبين أستاذه «كافور»، وحاول البعض أن يوقع بينهما،
وطلبوا من «أنوجور» أن يقوم بمحاربة «كافور»، فلما علمت أم
«أنوجور» بذلك خافت عليه، وعملت على الصلح بينه وبين
«كافور»، وما لبث «أنوجور» أن مات سنة (٣٤٩هـ). كان ولى
عهد «أنوجور» فى الحكم ولدًا صغيرًا هو «أحمد بن أبى الحسن
على»، فحال «كافور» دون توليته بحجة صغر سنه، واستصدر
كتابًا من الخليفة العباسى يقره فيه على توليته «مصر» سنة
(٣٥٥هـ) بدلا من هذا الطفل الصغير، فتولى «كافور» «مصر» وما
يليها من البلاد ولم يغير لقبه «الأستاذ»، ودُعِى له على المنابر
بعد الخليفة. مات كافور سنة (٣٥٧هـ)، فاختار الجند - بعد وفاته
- «أبا الفوارس أحمد بن على بن الإخشيد» واليًا على «مصر» وما
حولها، وكان طفلا لم يبلغ الحادية عشرة من العمر، فلم تستقر
البلاد فى عهده حتى دخلها الفاطميون سنة (٣٥٨هـ). كان
الاتجاه الحضارى فى العهد الإخشيدى شديد الشبه بالاتجاه
الحضارى فى العصر الطولونى؛ لقرب الصلة الزمنية بين