عام (٩٦٣هـ = ١٥٥٦م)، وخلفه ابنه «أكبر شاه» الذى انتقل
بالبابريين من مجرد غزاة إلى أصحاب دولة قوية راسخة البنيان؛
إذ استولى على أهم مناطق «الهند»، وانتصر فى معركة «بانى
بت» فى عام (٩٦٤هـ= ١٥٥٦م) - وهى المنطقة نفسها التى انتصر
فيها «بابر» من قبل - ونجح «أكبر شاه» فى تنظيم حكومة
أجمع المؤرخون على دقتها وقوتها، وذلك فضلا عن النهضة
الثقافية التى حدثت فى عصره، والتى بلغت مكانة سامية لم
تصل إليها بلاد «أوربا»، ثم تُوفى «أكبر شاه» فى سنة
(١٠١٤هـ = ١٦٠٥م)، وخلفه ابنه «سليم» الذى تلقَّب باسم «نور
الدين بادشاه» «جهانكيز»، وكان عمره -آنذاك- ستا وثلاثين
سنة، فنهج سياسة أبيه فى التسامح، وأشاع العدل بين
رعاياه، ثم خلفه ابنه «شاه جهان» فى عام (١٠٣٧هـ = ١٦٢٨م).
وإذا كانت «نورجهان» زوجة «جهانكيز» قد اشتهرت بمكائدها،
فقد اشتهرت «ممتاز محل» زوجة «شاهجهان» بالطيبة والصفات
الحميدة، والبر بالفقراء، ودفعت زوجها إلى العفو عن المذنبين،
واستخدام «التأريخ الهجرى» بدلا من «التأريخ الألفى» الذى
وضع فى عهد «جلال الدين أكبر». أحب «شاه جهان» زوجته
حبا شديدًا، وبلغ وفاؤه لها مبلغًا عظيمًا، وبنى لها مقبرة «تاج
محل»، التى تعد من روائع الفن المعمارى، وإحدى عجائب
الدنيا، ومازالت قائمة حتى الآن. وفى عهد «شاه جهان» حدثت
مجاعة شديدة بالهند، فاستغلها البرتغاليون فى خطف الأهالى
وأسرهم، ثم بيعهم فى سوق الرقيق، وقد استطاع «قاسم
خان» تخليص عشرة آلاف فرد منهم من أيديهم، وعهد «شاه
جهان» بالحكم إلى ابنه «أورنك زيب»، بعد أن عهد إلىه
بالقضاء على ثورات «الدكن». تولى «أورنك زيب» العرش فى
سنة (١٠٦٩هـ)، فألغى الاحتفال بأعياد «النيروز»، وتمسك
بتعاليم السنة، وأمر بتعمير المساجد، وعين لها العلماء
والوعاظ، وعمل على نهضة هذه البلاد، ثم أدت الاضطرابات التى
قامت وعمت مناطق واسعة من الإمبراطورية المغولية إلى سقوط