«سجلماسة» وقامت بها ثورة؛ اضطرت المرابطين بقيادة «يحيى
بن محلاكاكين» إلى العودة إليها، ونجحوا فى إخماد ثورتها،
إلا أن قائدهم «يحيى اللمتونى» استشهد فى المعركة، فوقع
اختيار «ابن ياسين» على الأمير «أبى بكر بن عمر» فى سنة
(٤٤٨هـ= ١٠٥٦م) لقيادة الجيوش، فانتقل «أبو بكر» بالدعوة من
مرحلة تلبية نداء المعونة لسجلماسة و «درعة» إلى مرحلة الغزو
المسلح للمغرب الأقصى، ودخل مع قبائل «برغواطة» التى
اعتنقت المجوسية فى عدة معارك، فأصيب الداعية «ابن
ياسين» فى إحداها بإصابات قاتلة أودت بحياته فى سنة
(٤٥١هـ= ١٠٥٩م). وواصل «أبو بكر» جهاده، وفرَّق جموع
«برغواطة»، واستأصل شأفتهم، ثم رجع إلى مدينة «أغمات»
التى اتخذها عاصمة له. وقد شاركه فى نشاطه المسلح ابن عمه
«يوسف بن تاشفين الصنهاجى اللمتونى»، الذى أثبت كفاءة
عالية، ومقدرة فائقة، وحقق نجاحًا بارزًا؛ غير أن أحداثًا ما
وقعت بالصحراء، جعلت «أبا بكر» يتوجه إلى الجنوب تاركًا
قيادة بقية المرابطين لابن عمه «يوسف بن تاشفين» الذى يعد
المؤسس الحقيقى لدولة المرابطين بالمغرب الأقصى، وقد تجمعت
فيه صفات الزعامة والشجاعة والقيادة والحزم، والتفت حوله
قلوب المرابطين، وشرع فى بناء مدينة «مراكش» عاصمته
الجديدة فى سنة (٤٥٤هـ= ١٠٦٢م) ونجح فى بسط نفوذه على
«المغرب الأقصى» فى سنة (٤٦٧هـ= ١٠٧٤م). وقد نجح ابن
«تاشفين» إلى جانب توحيد «المغرب الأقصى» فى وقف الزحف
النصرانى على «الأندلس»، وضمَّها إلى «دولة المرابطين» التى
اتسعت أطرافها وزادت خيراتها، وتمتعت بالازدهار والرقى فى
مختلف المجالات، ثم مرض «يوسف» فى سنة (٤٩٨هـ= ١١٠٤م)، ثم
أسلم روحه فى سنة (٥٠٠هـ= ١١٠٦م) ودفن بمدينة «مراكش».
ولى الأمير «على بن يوسف بن تاشفين» الحكم واقتفى سياسة
والده، وسار بين الناس بالحكمة والعدل، واستعان بالفقهاء
والعلماء فى حكم البلاد، فتبوأ مكانة طيبة فى نفوس رعيته.