ومضى «على بن يوسف» فى استكمال الجهود الحربية التى
بدأها والده بالأندلس، وعبر إليها بنفسه أربع مرات؛ لتثبيت
سلطان المرابطين، ومواجهة الهجمات المتكررة للمسيحيين،
فأحرز انتصارات كبيرة، ونال رضا الخلافة العباسية. تُوفِّى
الأمير «على» فى سنة (٥٣٧هـ= ١١٤٢م)، فتولى ابنُه «تاشفين»
الحكم من بعده، فدخل فى صراع مع دولة «الموحدين»، ولم
تفلح جهوده فى صد موجاتهم المتتابعة، وانتهى به الأمر إلى
«وهران»؛ حيث قُتل فى سنة (٥٣٩هـ= ١١٤٤م)، فَفَتَّ ذلك فى
عضد الدولة، وسقطت أجزاء كثيرة منها فى أيدى الموحدين.
حاول المرابطون الاحتفاظ بكيانهم المتداعى، وأمَّروا عليهم
«إبراهيم بن تاشفين» إلا أنه لم ينعم بالسلطة طويلا، حيث نازعه
عليها عمه «إسحاق بن على ابن تاشفين»، وتولى مكانه، ولكنه
لم يستطع أن يدفع حصار الموحدين بقيادة «عبدالمؤمن» خليفة
«ابن تومرت» حول العاصمة «مراكش» فى سنة (٥٤١هـ= ١١٤٦م)،
فسقطت «مراكش» فى يد «عبدالمؤمن» الذى أعمل فيها السيف
وقضى على كثير من أهلها، وترتب على ذلك سقوط «دولة
المرابطين». ضعفت القيادة العليا للمرابطين منذ تولى «على بن
يوسف» حكم البلاد، واستبد كثير من الأمراء بالأمر، ثم جاء
الخلاف الخطير بين «إبراهيم بن تاشفين» وعمه «إسحاق بن
على» على السلطة، فى الوقت الذى كان يزحف فيه الموحدون
نحو العاصمة «مراكش». يضاف إلى ذلك تخاذل الجند، فضلا عن
الحروب المستمرة التى خاضوها بالأندلس، فاستنزفت قواهم
واقتصاد بلادهم، وظهور شخصية «ابن تومرت» الذى نجح فى
جذب أعداد كبيرة إليه. فكان ذلك كله من أسباب سقوط «دولة
المرابطين» وقيام «دولة الموحدين». تركزت علاقات المرابطين
فى جبهتى «الأندلس» و «الدولة العباسية»؛ حيث هبوا لنجدة
«الأندلس» من النصارى الإفرنج، ثم قرروا -بعد عدة معارك-
ضمها إلى دولتهم، وظلت المعارك هى الطابع المميز لعلاقة
المرابطين بالممالك الإفرنجية فى الشمال الأندلسى. أما علاقتهم