بالعباسيين فقد بدأت بعد أن قاموا بنشر دعوتهم بأرجاء
«المغرب الأقصى»، ومن ثم اتصلوا بالخلافة واعترفوا بسلطة
الخليفة الروحية فى العالم الإسلامى، وطلبًا لتأييد «الخلافة
العباسية» لهم، وفى ذلك دعم لدعوتهم التى تأسست عليها
دولتهم، وكان الترحيب والاستجابة سمة العلاقة بين الجانبين.
شهد «المغرب الأقصى» فى عهد «دولة المرابطين» ازدهارًا
اقتصادياً ورخاءً فى مناحى الحياة كافة؛ حيث حرص المرابطون
على النهوض بالزراعة والصناعة والتجارة، واهتموا بالنظام
المالى وإدارته وكيفية جمعه وإنفاقه، واتخذ «يوسف بن
تاشفين» حصنًا صغيرًا لحفظ الأموال والسلاح، ثم دَوَّن لذلك
الدواوين حين اتسعت أعمال دولته واستقرت أوضاعها فجعل
للمالية دواوين: «الغنائم»، و «نفقات الجند»، و «الضرائب»،
و «الجباية»، و «مراقبة الدخل والخرج»، وكان الكتَّاب يقومون
بتدوين النواحى المالية المختلفة، والعمال الذين يقومون
بجبايتها، وكان جمع أموال الزكاة والجزية المفروضة على أهل
الذمة يتم كل عام، أما غير ذلك من مصادر المال كالغنيمة
والعشور، فإنها كانت مرتبطة بظروفها. وكان المشتغلون بمالية
الدولة -دائمًا- تحت المراقبة الشديدة، والحساب المستمر،
والعقاب السريع فى حالة التقصير. وتأتى الزكاة فى مقدمة
مصادر الدخل المالى لهذه الدولة، ثم تليها الجزية المفروضة على
أهل الكتاب نظير ما يتمتعون به من أمن وحماية، وقد فُرضت
الجزية على الرجال الأحرار العقلاء، ولم تُؤخذ من النساء، ولا من
الصبية والمجانين والعبيد، وكان مقدارها موكولاً إلى ولاة الأمر
واجتهادهم. أما فيما يتعلق بالضرائب، فإن المرابطين فى بداية
عهدهم التزموا بأحكام الشرع، ولم يفرضوا إلا ما جاء بالكتاب
والسنة، وألغوا ما عدا ذلك من الضرائب بالمغرب والأندلس،
وشكلت الغنيمة مصدرًا مهما من مصادر الدخل للدولة، نظرًا
للمعارك الكثيرة التى خاضها المرابطون ضد الإفرنج. وقد