ساهمت المصادر المالية المتنوعة فى الإنفاق على تجهيز
الحملات العسكرية المتكررة، وإقامة المنشآت، والإنفاق على
أوجه الإصلاح والتعمير، فضلا عن المرتبات والأرزاق، وأصدر
المرابطون العملات النقدية لتأكيد سلطانهم الاقتصادى. واهتموا
بالزراعة وما يتعلق بها، فشيد «على بن يوسف» قنطرة على
نهر «تانسيفت» لتوزيع المياه اللازمة للزراعة، فشهدت البلاد -
لخصوبة أرضها- وفرة فى المزروعات، وكذلك فى الغابات التى
نبتت فى أجزاء متفرقة من البلاد. فأمدت البلاد بكميات وفيرة
من الأخشاب التى استخدمت فى كثير من الصناعات مثل صناعة
السفن. وكان للصناعة دور بارز فى ازدهار اقتصاد «دولة
المرابطين»؛ حيث ازدهرت صناعات كثيرة ومتنوعة نتيجة
استقرار الأوضاع، وتوافر المواد الخام، ووجود الخبرة الصناعية
المتمثلة فى الأيدى العاملة التى حركت عجلة التصنيع، ودفعتها
إلى الأمام. وقد ظهرت عدة صناعات منها: صناعة السفن
والزجاج، وأدوات النحاس والحديد، واستخراج الزيوت من
الزيتون، والسكر من القصب، وكذلك صناعة الملابس من القطن
والصوف، وصناعة دبغ الجلود. وشاركت التجارة فى دفع عجلة
الاقتصاد بدولة المرابطين منذ تأسيسها؛ حيث وجه أمراء هذه
الدولة اهتمامهم إلى التجارة، وعملوا على تنشيطها؛ بتشجيع
التجار على ارتياد البلاد، ووفروا لهم سبل الإقامة، وأنشأوا لهم
الفنادق، مثلما فعل «يوسف بن تاشفين» حين دخل مدينة «فاس»
فى سنة (٤٦٢هـ= ١٠٦٩م). وقد وُجدت المراكز التجارية فى
أنحاء دولة المرابطين، وبخاصة فى العاصمة «مراكش» التى
حظيت باهتمام التجار، وصارت مركزًا للتجارة الداخلية بين مدن
الشمال والجنوب، كما كانت مدينة «فاس» مركزًا تجارياًّ مهماًّ،
لموقعها الممتاز فى قلب البلاد، وتوافر المحاصيل الزراعية
والصناعات المختلفة بها. وارتبطت مراكز التجارة الخارجية
بالمغرب الأقصى فى عهد المرابطين، بعدة طرق برية يضاف