للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدينية لإقامة خلافة إسلامية بالمغرب، ولم يدخر فى ذلك وُسعًا

ولا وسيلة إلا استغلها، وعمد إلى نشر دعوته بين السذج، وألَّف

لهم فى التوحيد والعقيدة بلغتهم البربرية حتى يسهل عليهم

التعلم، ويسهل عليه السيطرة عليهم، ومن ثم باتت له الكلمة

العليا فى كل شئونهم. شارك «ابن تومرت» فى الكفاح المسلح

ضد «دولة المرابطين»، وتذكر المراجع أنه اشترك فى تسع

غزوات، وكانت معركة «البحيرة» التى أصيب فيها الموحدون

بالهزيمة هى السبب الرئيسى فى خيبة أمل «ابن تومرت»

ومرضه؛ حيث قتل فيها عدد كبير من أتباعه، ولكن بقاء تلميذه

ومساعده «عبد المؤمن بن على» على قيد الحياة كان سببًا فى

تخفيف هذه الصدمة، ومع ذلك لزم «ابن تومرت» داره، واشتد

عليه مرضه، وفارق الحياة فى سنة (٥٢٤هـ= ١١٣٠م)، وخلَّف

وراءه حربًا مشتعلة على أرض «المغرب الأقصى». حمل

«عبدالمؤمن بن على» أعباء الدعوة عقب وفاة أستاذه، وشُغل

بتنظيم شئون الموحدين، مدة عام ونصف العام، ثم شرع فى

الكفاح ضد المرابطين فى منطقة «الأطلس» جنوبى «مراكش» فى

«وادى درعة» و «بلاد السوس» و «بلاد جاحة» القريبة من

«تينملل»، ثم استولى الموحدون على «مراكش» عاصمة

المرابطين فى سنة (٥٤١هـ= ١١٤٦م)، بعد كفاح دام أكثر من

عشر سنوات كان النصر فيها حليفًا للموحدين. وقد نجح

«عبدالمؤمن» فى إحكام قبضته وسيطرته على «المغرب

الأقصى» بعد سقوط دولة المرابطين بسقوط عاصمتهم

«مراكش»، ثم وجه اهتمامه إلى الشرق، وبعث بحملاته المتتابعة

التى وصلت حتى «طرابلس» بإفريقية، فساعد هذا النصر على

تحقيق الوحدة السياسية للمغرب الإسلامى، وتلقب «عبدالمؤمن»

بلقب خليفة، واتخذ من «مراكش» عاصمة للخلافة، ثم شرع فى

تجهيز حملة كبيرة لدفع النصارى عن مدن «الأندلس» فى سنة

(٥٥٦هـ= ١١٦١م)، إلا أن مرضه حال دون إتمام هذه الحملة، ومات

فى سنة (٥٥٨هـ= ١١٦٣م). بويع «يوسف بن عبد المؤمن» فى

<<  <  ج: ص:  >  >>