الخارجية فى جبهتين هما: «الأندلس»، و «الخلافة العباسية». أما
«الأندلس»، فقد استولى عليها الموحدون مع غيرها من المدن من
المرابطين، وساروا على نهج من سبقهم فى التصدى لعدوان
النصارى، وأعدوا الحملات، وخاضوا المعارك من أجل تحقيق
هذا الهدف، ولكن هزيمتهم فى معركة «العقاب» فى عام
(٦٠٩هـ= ١٢١٢م)، كانت بداية انحسار نفوذهم على أرض
«الأندلس»، ومن ثَم بدأت القوى النصرانية تحقق انتصاراتها حتى
زالت «دولة الموحدين». وقد اختلف موقف الموحدين من الخلافة
العباسية عن موقف المرابطين؛ حيث لم يعترف الموحدون
بالعباسيين، واعتبروا أنفسهم خلفاء، وأن مركز الخلافة مدينة
«مراكش»، وليس «بغداد»، ودعموا خلافتهم بالادعاء بأن «ابن
تومرت» و «عبدالمؤمن» من نسل الرسول عن طريق «الأدارسة»،
واتخذوا اللون الأخضر شعارًا لهم كى يظهروا ميلهم إلى الدعوة
العلوية، وتشبهوا بالرسول فى تصرفاته وأفعاله. نعمت البلاد
بالرخاء الاقتصادى فى عهد الموحدين؛ إذ وضعوا نظامًا مالياًّ
دقيقًا، تمثل فى الإدارة المشرفة على الجوانب المالية فى
الجباية والإنفاق، فضلا عن وجود دواوين للمال بالعاصمة،
وديوان للمال بكل إقليم يختص بماليته، وأفرد الموحدون دارًا
للإشراف على النواحى المالية، كما استحدثوا منصب الوزير
المسئول عن الشئون المالية أطلقوا عليه اسم «صاحب الأشغال»،
ومهمته استخراج الأموال وجمعها وضبطها، وتعقب نظر الولاة
والعمال فيها، ثم تنفيذها على قدرها وفى مواقيتها، وكان
يعاون صاحب الأشغال رؤساء الدواوين المالية بالدولة. فوفرت
هذه المصادر إلى جانب الزكاة وخمس الغنائم أموالا كثيرة
لخزينة الدولة، أُنفق معظمها على إعداد الجيش فى البر والبحر،
ودفع مرتبات الوزراء ورجال البلاط والحشم والقضاة والفقهاء،
وكذلك فى الإنفاق على الطلبة المنتظمين بالمدرسة التى
أنشأها الخليفة «عبدالمؤمن»، كما أنفق منها على إنشاء المدن