(٧٥٩هـ= ١٣٥٨م). دخل «محمد الشيخ الوطاسى» سلطان
الوطاسيين فى مواجهة مستمرة - منذ أسس دولته- مع الفتن
والقلاقل والثورات التى قامت بالدولة على أيدى العرب الذين
أغاروا على «فاس» و «مكناسة» ودمروهما، ثم واجه ثورة
«على بن راشد» فى «شفادن» وهى مدينة قريبة من «البحر
المتوسط» و «المحيط الأطلسى»، و «مضيق جبل طارق»، ثم حاول
«محمد بن أحمد المرينى» الاستقلال بمدينة «دبرو» التى تقع
شمال شرق «المغرب»، ونجح فى ذلك، وبسط نفوذه على
المناطق الغربية منها، فأدرك «محمد الشيخ» خطورته، وخرج
لمواجهته مرتين، كانت الأولى فى سنة (٨٩٥هـ= ١٤٩٠م)، وهُزم
فيها الوطاسيون، وكانت الثانية فى سنة (٩٠٤هـ= ١٤٩٨م)،
وانتصر فيها «بنو وطاس»، وعقد سلطانهم الصلح مع «محمد بن
أحمد المرينى»، وزوج السلطان ابنتيه لولدىّ الأمير «محمد»،
فحل بينهما السلام. وقد واجهت هذه الدولة ثورة بالمنطقة
الجنوبية، قادها «عمرو بن سليمان الشيظمى»، الشهير
بالسياف، فى سنة (٨٧٠هـ= ١٤٦٥م)، ولم تهدأ هذه الثورة إلا
بعد أن اُغتيل «الشيظمى» على يد زوجته فى سنة (٨٩٠هـ=
١٤٨٥م). والواقع أن «بنى وطاس» لم يتمكنوا من فرض سلطانهم
ونفوذهم على كل «المغرب الأقصى»، بل يمكن القول بأن
نفوذهم لم يتجاوز العاصمة «فاس»، واقتسمت القبائل والأشراف
والزعامات المحلية ومشايخ الصوفية باقى البلاد. فأدى هذا إلى
نشوب الاضطرابات والقلاقل بالبلاد، وتزايد الانقسامات بها،
واستغلال البرتغال والإسبان لهذه الأوضاع للتوسع وفرض النفوذ
ونشر المسيحية. ثم بدأت مرحلة أخرى من الصراع بين
الوطاسيين والسعديين الذين حشدوا الناس إلى جانبهم بحجة
الدفاع عن البلاد من خطر الإسبان والبرتغال، وكانوا فى حقيقة
الأمر يسعون لإسقاط «دولة الوطاسيين»، ونجحوا فى السيطرة
على بعض المدن المغربية، ثم دخلوا «مراكش»، وفشل «بنو
وطاس» فى صدهم، وتدخل العلماء للصلح بينهما، ونجحت