باعتباره همزة الوصل بين المغربين الأدنى والأقصى، حيث تمتد
شواطئه، وتكثر موانيه المطلة على «البحر المتوسط»، فضلا عن
طرق التجارة المتعددة بجنوبه، والتى كانت تمر منها القوافل
التجارىة القادمة من جنوب الصحراء قاصدة الموانى المطلة على
«البحر المتوسط»، لتكمل رحلتها إلى «أوربا» وغيرها من
المناطق. وقد تعددت صادرات «المغرب الأوسط»، وكان الصوف
والأسلحة والمنتجات الزراعية من أهم صادرات «بنى زيان»
وأسهمت موانى: «وهران» و «تنس» و «الجزائر» و «بجاية»
إسهامًا بارزًا فى تنشيط التجارة، وازدهار الاقتصاد، وكان ذلك
سببًا رئيسيا فى اهتمام سلاطين «بنى زيان» بالبناء والتعمير،
فتنوعت فى عهدهم المؤسسات وعُنوا بإنشاء المساجد
والمدارس والقصور، والمنشآت العسكرية، وكانت أبرز مساجدهم
هى: «مسجد أبى الحسن» الذى أمر «عثمان بن يغمراس» ببنائه
سنة (٦٩٦هـ= ١٢٩٦م)، و «مسجد الولى إبراهيم» الذى تم بناؤه
فى عهد أبى حمو الثانى، كما شهد عهد «أبى تاشفين الأول»
نهضة عمرانية كبيرة. وتعددت المدارس بتلمسان ووهران، وكانت
أبرز هذه المدارس هى «المدرسة التاشفينية» (أو المدرسة
القديمة) التى أنشأها «أبو تاشفين بن عبد الرحمن» (٧١٨ -
٧٣٦هـ = ١٣١٨ - ١٣٣٦م)، و «المدرسة اليعقوبية» التى بناها
«أبو حمو موسى الثانى»، وكان افتتاحها فى الخامس من صفر
سنة (٧٦٥هـ= نوفمبر ١٣٦٣م). وبنى «بنو زيان» الحصون
والأبراج والأسوار والقلاع العسكرية لتحصين بلادهم، ومن أبرز
قلاعهم: قلعة «تامز يزدكت» التى كانت مركز مقاومتهم على
الحدود الشرقية مع «بنى حفص». اهتم «بنو زيان» بتنشيط
الحركة الفكرية فى بلادهم، ودعموها بإنشاء المدارس
والمساجد والكتاتيب والزوايا لتعليم الطلاب، ولم يختلف أسلوب
التعليم فى دولتهم عن مثيله فى «دولة بنى مرين» و «دولة
الحفصيين»، وامتلأت المؤسسات التعليمية بالعلماء المتخصصين
فى كل علم وفن، وقد لقى هؤلاء من الدولة معاملة حسنة