قبضتهم عليهم، ويضمنوا تبعيتهم، وتم لهم ذلك واستمر حتى دبَّ
الضعف والتفكك بين سلاطين «بنى حفص» وأفراد أسرتهم،
فوجه إليهم بنو زيان عدة ضربات متوالية، وتمكنوا من هزيمتهم
والاستيلاء على «تونس» فى سنة (٧٣٠هـ= ١٣٣٠م). وعلى الرغم
مما سبق فقد شهدت العلاقات الزيانية الحفصية - أحيانًا- بعض
حالات الهدوء، وحسن الجوار، وتجلى ذلك حين صاهرهم
«يغمراس» وزوَّج ابنه «عثمان» إحدى بنات «أبى إسحاق
الحفصى» فى سنة (٦٨١هـ= ١٢٨٢م). كان الحكم فى «دولة بنى
زيان» وراثيا، وكانت ألقاب حكامهم تتراوح بين «أمير
المسلمين» ولقب «السلطان»، وقد تفشت ظاهرة قتل سلاطينهم
على أيدى أفراد أسرتهم الحاكمة للوصول إلى الحكم، كما فعل
«تاشفين» مع والده «أبى حمو». وتعددت المناصب الإدارية فى
هذه الدولة، وجاء منصب «الوزارة» فى مقدمتها، كما كان
قاضى القضاة يتقدم مجموعة القضاة بالدولة، وكذلك كان قائد
الجيش من رجال هذه الدولة البارزين، ولذا كان السلطان يختاره
من أفراد أسرته، أو يتولى هو مكانه، ويخرج بنفسه على رأس
الجيوش. وكان ديوان الإنشاء والتوقيع من أبرز الدواوين، لأنه
يختص بالمراسيم السلطانية، ومراسلات الدولة مع غيرها من
الدول. تمتع «المغرب الأوسط» بسطح متنوع، جمع بين السهل
الساحلى والوديان الداخلية، وسلسلة جبال الأطلس، فضلاً عن
تمتعه بمناخ يختلف من منطقة إلى أخرى، وبتربة خصبة صالحة
للزراعة، وبأنهار منتشرة فى كل مكان مثل نهرى «شلف»
و «سيرات»، وبعيون مائية منبثة، وبأمطار تسقط على منطقة
الساحل، فهيأت كل هذه العناصر لقيام زراعة ناجحة، أولاها
ولاة الأمر عنايتهم ورعايتهم، فتنوعت المحاصيل الزراعية، كما
ازدهرت صناعة الأقمشة الحريرية والصوفية، وصناعة السجاد
والبسط، وكذلك صناعة السفن الحربية والتجارية، والأسلحة،
والمصنوعات الجلدية، والمشغولات الذهبية والفضية والنحاسية.
وكان لموقع «المغرب الأوسط» دور كبير فى تنشيط التجارة،