أن ملكهم كان مسلمًا، بدليل ما يذكره «البكرى» من أن ملكهم
كان يتسلَّم عند تنصيبه خاتمًا وسيفًا ومصحفًا، يزعمون أن أمير
المؤمنين بعثها إليه. ويصرح «البكرى» فى نهاية حديثه بأن
ملكهم مسلم ولا يتولى العرش أحد من غير المسلمين. وحتى يسير
الإسلام فى مجراه الطبيعى ويستقر بين هذه الشعوب التى آمنت
به، وحتى ينتهى دور «غانة» فى مناهضة الإسلام والاعتداء
على القبائل المسلمة كان الهدف الأساسى الذى كرَّس له الأمير
«أبو بكر بن عمر اللمتونى» زعيم «الملثمين» جهوده هو
الاستيلاء على «غانة» وإخضاعها لدولة المرابطين التى أقامها
هؤلاء «الملثمون» من قبائل صنهاجة. وعلى الرغم من أن أغلب
المصادر تغفل تفاصيل جهاد هذا الأمير فى بلاد «السودان
الغربى» فإننا نعرف أنه استطاع أن يفتح مملكة «غانة»، وأن
يستولى على العاصمة عام (٤٦٩هـ = ١٠٧٦م) ويسقط الحكومة
الغانية الوثنية. ومنذ ذلك الوقت يمكن أن يؤرخ لإمبراطورية
«غانة» الإسلامية حتى اختفائها من التاريخ فى مطلع القرن
الثالث عشر الميلادى. فقد أضحت حكومتها إسلامية، ويقال إن
ملكها اعتنق الإسلام بدليل أن المرابطين تركوه فى الحكم بعد
أن أعلن الخضوع ودفع الخراج لهم. وبإسلام هذا الملك دخل عدد
كبير من سكان المملكة فى الإسلام. ولم تستمر سيطرة المرابطين
على «غانة»؛ إذ سرعان ما تخلَّصت من هذه السيادة على أثر
اغتيال الأمير «أبى بكر» أمير المرابطين عام (٤٨٠هـ = ١٠٨٧م)
على يد أتباع أحد زعماء قبائل «الموسى» بجنوب «داهومى»
وانتهزت بلاد «السودان الغربى» هذه الفرصة وما تبعها من
اضطراب الجيوش المرابطية هناك بعد موت قائدها فأعلنت
«غانة» استقلالها وانفصالها عن الدولة المرابطية، ونقضت
تبعيتها لها، وفى الوقت نفسه استطاعت بعض الولايات التى
كانت تابعة لإمبراطورية «غانة» أن تنفصل هى الأخرى وتستقل
فى حكمها، مثل مملكة «أنبارة» وولاية «ديارا» و «كانياجا»،