وأصبحت ممالك مستقلة، بينما أصبحت سلطة ملوك «غانة» لا
تتعدَّى «أوكار» و «باسيكورو» مما أضعف الدولة ومهد للقضاء
عليها. ومعنى ذلك أن فتح المرابطين لغانة لم يقض عليها
تاريخيا، ولكنه حولها إلى الإسلام، وجاءت الصدمة القاضية على
الوجود التاريخى لإمبراطورية «غانة» على يد قبائل «الصوصو»
الوثنية التى استقلت بولاية «كانياجا» كما سبق القول، وكانوا
من قبل يدفعون الجزية لحكومة «غانة» لفترة طويلة. وفى مطلع
القرن الثالث عشر الميلادى استولى أعظم أباطرة «الصوصو»
وهو «سومانجورو» على العاصمة «كومبى صالح» فى عام
(٦٠٠هـ= ١٢٠٣م) بعد معركة طاحنة مع ملك «غانة» الإسلامية.
وبذلك أنهى «الصوصو» سيادة الملوك الغانيين المسلمين
فتفرقوا فى البلاد، وقام زعيم «الصوصو» بالاتجاه نحو
الجنوب؛ حيث توجد دولة «الماندنجو» النامية فى «كانجابا»
واستولى عليها ولكن أحد أبناء ملك «كانجابا» ويسمى
«سندياتا» أو (مارى جاطهـ) نجح فى استرداد الأراضى التى
ضاعت من أبيه، بل واستطاع أن يقضى على «سومانجورو»
نفسه وأن يضم جميع أملاك «الصوصو» إليه. وذلك بعد موقعة
حربية فاصلة (٦٣٢هـ = ١٢٣٥م)، وفى عام (٦٣٨هـ = ١٢٤٠م)
نجح «مارى جاطة» فى تدمير ما بقى من «كومبى صالح»
عاصمة «غانة»، وكان ذلك هو الفصل الختامى فى اختفاء
إمبراطورية «غانة» من مسرح التاريخ. وعلى الرغم من أن
«غانة» الإسلامية لم تعمَّر طويلا فإن أهلها وأغلبهم من
«السوننك» اشتهروا بحماسهم للإسلام وبالدعوة إليه، حتى إن
بعض العشائر السوننكية تكاد تختص بالعمل فى الدعوة إلى
الإسلام، بل إن كلمة «سوننك» فى أعالى نهر «غمبيا»
استخدمها «الماندنجو» الوثنيون مرادفة لكلمة «داعية»، مما يدل
على الدور الكبير الذى نهض به «السوننك» فى نشر الإسلام.
ويبدو أن هذه الدفعة التى دفعها المرابطون للإسلام كانت من
القوة بحيث تركت فى تاريخ الإسلام فى غربى إفريقيا آثارًا