جاطة» إلى الحج فى عهد السلطان «بيبرس»، وتطورت الصلات
بين «مالى» و «مصر» فى عهد السلطان «منسا موسى» الذى
يعد موكبه من أروع مواكب الحج التى وفدت على «مصر» فى
القرن الثامن الهجرى. وقد قدَّر بعض المؤرخين عدد من جاء فى
ذلك الموكب بعدة آلاف، وقالوا إن السلطان حمل خمسين ألف
أوقية من الذهب وزَّع أكثرها على الناس فى صورة هدايا أو
صدقات فى «مصر» و «الحجاز»، وقد بعث إلى الخزانة السلطانية
فى «القاهرة» بحمْل كبير من الذهب، وقد أكرمه سلطان «مصر»
وبعث إليه بالخِلع وزوَّده بما يحتاج إليه فى سفره إلى «مكة»
من الجمال والمتاع والمئونة. وكان السلطان «منسا موسى» قد
بعث قبل مجيئه إلى «مصر» كتابًا إلى السلطان المملوكى
«الناصر محمد» خاطبه فيه بما يدل على التقدير والإخاء، وبعث
إليه بخمسة آلاف مثقال من الذهب، مما يدل على عمق الصلات
الطيبة وروح الأخوة الإسلامية بين القاهرة وغربى إفريقيا، تلك
الصلات التى نشأت عنها علاقات ثقافية وتجارية واسعة وقد
انتهز السلطان «منسا موسى» فرصة وجوده فى «مصر»،
فابتاع جملة من الكتب الدينية ليوفر لأهل بلاده طرفًا من الثقافة
الإسلامية المتفوقة فى «مصر» وقتئذٍ وتبع ذلك رحيل كثير من
علماء «مصر» إلى «مالى»، ورحيل علماء «مالى» إلى «مصر»؛
حيث كان لهم رواق فى الأزهر يقيمون فيه يسمى «رواق
التكرور». ولم تقتصر العلاقات على «مصر» وحدها، بل كان
لسلاطين «مالى» علاقات طيبة أيضًا بملوك «المغرب» وترجع
العلاقات بين الطرفين إلى زمن بعيد، فيذكر «ابن عذارى» مؤرخ
«المغرب» و «الأندلس» الشهير فى كتابه «البيان المغرب فى
أخبار الأندلس والمغرب» بعض الهدايا التى كان يرسلها ملوك
«السودان الغربى» فى القرنين الرابع والخامس الهجريين إلى
ملوك «بنى زيرى» فى «تونس»، أما سلطان مملكة «مالى»
«منسا موسى» فقد أرسل إلى السلطان «أبى الحسن المرينى»
يهنئه باستيلائه على «تلمسان»، كما بعث بالسفراء الدائمين