إلى مدينة «فاس»، وكانت العلاقات الثقافية مع «المغرب» فى
غاية القوة والازدهار، بسبب انتشار مذهب «مالك» فى البلدين.
وقد امتدت علاقات مملكة «مالى» إلى «الأندلس»، بدليل ما
يروى من أن «منسا موسى» استعان بأحد علمائها وهو «أبو
إسحاق السهلى» من أهل «غرناطة» فى بناء القصور
والمساجد، وإليه يرجع الفضل فى إدخال فن البناء بالآجر فى
غربى «السودان»، وبنى مسجدًا عظيمًا فى «جاو» وآخر فى
«تمبكت»، كما بنى قصر «منسا موسى» نفسه. وكان أهل
«مالى» يحتفلون بشهر رمضان وبالأعياد الإسلامية احتفالا
كبيرًا، وكان السلطان يوزع الأموال والذهب على القضاة
والخطباء والفقهاء وفقراء الناس، ويصف «ابن بطوطة» خروج
السلطان لصلاة العيد وصفًا رائعًا لا يقل فخامة وأبهة عن خروج
خلفاء «بغداد» و «القاهرة». ويقول إن الأهالى كانوا يواظبون
على الصلاة فى الجماعات، وإنهم كانوا يضربون أولادهم إذا ما
قصروا فى أدائها، وإنه إذا لم يبكر الإنسان فى الذهاب إلى
المسجد يوم الجمعة لم يجد مكانًا لكثرة الزحام. وبلغ من عمق
العقيدة فى نفوسهم أنهم كانوا يلزمون أبناءهم بحفظ القرآن
الكريم، وكانوا يضعون قيودًا من الحديد فى أرجلهم إذا
ماقصروا فى حفظه، ولا تفك عنهم حتى يحفظوه، ولذلك أتقن
كثير من الماليين اللغة العربية، وكان السلطان «منسا موسى»
نفسه يجيدها، وكان التعليم لايتم إلا بها كما كانت لغة الحكومة
فكانت الوثائق المهمة والمراسلات الدولية لاتكتب إلا بها، كما
كانت لغة التجارة والمعاملات، أى أنها كانت اللغة السائدة
بجانب اللغات المحلية، مثل لغة «الهوسا» و «صنغى»
و «الفولانيين» التى تأثرت باللغة العربية، وتوجد آلاف الكلمات
العربية مستخدمة فى شتى مظاهر الحياة فى غرب إفريقيا
حتى اليوم، وقد زار الرحالة الإنجليزى «فرانسيس مور» مالى
عام (١١٤٤هـ = ١٧٣١م) ووجد معظم أهل «جمبيا» البريطانية
يتكلمون العربية. وقد ساعد على ذلك أن سلاطين «مالى» كانوا