ثم على مدينة «جنِّى» (٨٧٨هـ = ١٤٧٣م)، وفتح مملكة
«الموسى» وضمها إلى دولته، وتقدم شرقًا فهاجم بعض إمارات
«الهوسا» فخضعت له «كاتسينا» و «جوبير» و «كانو»
و «زمفرة» و «زاريا»، ثم اتجه غربًا فاستولى على بلاد
«الماندنجو» و «الفولانى»، ومعظم ممتلكات دولة «مالى»
الإسلامية، واتجه شمالا حتى مواطن الطوارق. وبذلك أسس
«سنى على» إمبراطورية «صنغى» الإسلامية، وكان أول
إمبراطور لها، حتى مات فى ظروف غامضة، وبموته انتقل الحكم
إلى أسرة جديدة أسسها أحد قواد «السوننكى»، وهو
«أسكيا محمد الأول» بعد إعلانه الثورة على ابن «سنى على»
واستيلائه على السلطة. و «أسكيا» لقب يعنى «القاهر» وقام
بتنظيم شئون البلاد من الناحية الإدارية، واستخدم طائفة من
الموظفين الأكفاء، كما نظم الجيش وأفاد من الخبرات السابقة،
واتخذت حركته مظهرًا إسلاميا واضحًا نتيجة عاملين قام بهما:
الأول: هو اهتمامه بالشئون الدينية واستغلاله ثروة سلفه فى
النهوض بها وقيامه بالحج إلى البيت الحرام فى مكة (٩٠٠هـ =
١٤٩٥م)، وكان موكبه فى موسم الحج يفوق ما عرف عن موكب
ملوك «مالى»، من حيث الأبهة والفخامة، واستردت «تمبكت» فى
عهده مكانتها كمركز للثقافة الإسلامية فى غربى إفريقيا، وبلغ
من شهرتها أن ملك «صنغى» كان ينسب إليها. والعامل الثانى:
هو الجهاد الذى قام به بغرض توسيع رقعة بلاده، ونشر الإسلام
بين الوثنيين من جيرانه «الماندنجو» و «الفولانى» فى الغرب
«والطوارق» فى الشمال، وقبائل «الموسى» الزنجية فى
الجنوب، «والهوسا» فى الشرق فى مدن «كتسينا» و «غوبير»
و «كانو» و «زنفروزاريا» وقد خضعت هذه المدن كلها لهذا الملك
عام (٩١٩هـ = ١٥١٣م)، وكان هذا بداية لظهور الثقافة الإسلامية
فى هذا الجزء من شمال «نيجيريا». وقد أشار كثير من
المؤرخين السودانيين إلى أن علماء من «تمبكت» رحلوا إلى
هذه الجهات الخاضعة لنفوذ «صنغى»، وأقاموا هناك يفقِّهون