الناس فى الدين وينشرون الثقافة الإسلامية، حتى امتد النفوذ
الإسلامى إلى منطقة «بحيرة تشاد»، وبلغت إمبراطورية
«صنغى» أقصى اتساع لها، فقد شمل نفوذها منطقة
«السافانا» كلها من الشرق إلى الغرب، واستطاع «أسكيا محمد
الأول» أن ينشر الأمن والسلام فى جميع ربوع هذه المملكة
الشاسعة الأرجاء، بتنظيماته الإدارية والعسكرية الرائعة التى
قام بها بين صفوف الجيش والإدارة. لكن حكمه آذن بالزوال حينما
أصيب بالعمى وانتابه المرض وتآمر عليه أولاده، وعزله أحدهم
عن الحكم فى عام (٩٣٥هـ = ١٥٢٩م). وظل القواد والمغامرون
يتنافسون من أجل السيطرة على الجيش والحكومة، إلا أن
«أسكيا إسحاق الأول» (٩٤٦ - ٩٥٦هـ = ١٥٣٩ - ١٥٤٩م) استطاع
أن يلى العرش بمساندة الجيش، وأن يعيد الأمن إلى نصابه، وأن
يقضى على منافسيه، وأن يبعد كبار ضباط الجيش وكبار
المسئولين، الذين أساءوا استخدام مناصبهم خلال فترة
الاضطراب. وعلى الرغم من ذلك لم يستطع الاحتفاظ بالعرش مدة
طويلة، فقد خلفه «أسكيا داود» (١٥٤٩ - ١٥٨٢م) الذى عين
أنصاره فى الوظائف المهمة واشتهر بحنكته السياسية فأبعد
خطر ملوك «مراكش» عن بلاده بالمهادنة والتودد إليهم. وبعد
وفاة «داود» (٩٩٠هـ = ١٥٨٢م) أثرت المنازعات التى قامت
بسبب العرش تأثيرًا سيئًا على مملكة «صنغى»، فقد كان
سلاطين «المغرب» منذ عهد بعيد يتطلعون إلى مناجم الملح فى
«تغازة» وإلى السيطرة على تجارة الذهب، وظل ملوك
«صنغى» يصدون سلاطين «المغرب» حتى سنة (٩٩٣هـ =
١٥٨٥م)، حينما انقسمت البلاد على نفسها، فاستغل «أحمد
المنصور الذهبى» سلطان «المغرب» الذى انتصر على البرتغاليين
فى موقعة «القصر الكبير» ضعف «صنغى» وسيَّر جيشًا كبيرًا
عام (٩٩٨هـ = ١٥٩٠م) استولى على العاصمة «جاو» بعد أن هزم
قوات «إسحاق الثانى» فى موقعة «تونديبى» وبذلك دخلت
البلاد فى طور جديد من أطوار تاريخها وهو طور التبعية والفناء.