فى بلاد الحبشة. كذلك كان لسلطنة «الكانم والبرنو» علاقات
تجارية وثقافية مع شمال إفريقيا وخاصة «تونس» فقد اتصل
سلاطين «الكانم» بحكامها من «بنى حفص» وتبادلوا الرسائل
والهدايا، من ذلك سفارة أرسلها الماى «عبدالله بن كادى» إلى
السلطان الحفصى «أبى يحيى المتوكل» فى عام (٧٢٧هـ =
١٣٠٧م)، كذلك تبودلت الرسائل والسفارات مع «طرابلس» فى
عام (٩٠٨هـ = ١٥٠٢م) وسفارة بعث بها أيضًا فى عام (٩٤١هـ =
١٥٣٤م) وأخرى فى زمن الماى «إدريس ألوما» المتوفَّى عام
(١٠١١هـ = ١٦٠٢م) كذلك نشطت العلاقات التجارية بين «برنو»
وهذه البلدان. ويمثل الجهاد قمة إيمان السلطنة بالإسلام، فقد
اتخذه سلاطينها طريقًا لرد العدوان والتعريف بالإسلام بين
الوثنيين الذين كانوا يقومون بالاعتداء على هذه الدولة الإسلامية
، وخاصة الوثنيين المقيمين فى الجنوب، فقد حاربهم السلاطين
ودخل كثير منهم فى الإسلام، بالإضافة إلى اتِّباع أسلوب
الإقناع الذى اتبعه بعض السلاطين وخاصة السلطان «إدريس
ألوما»، الذى اشتهر ببناء المساجد الضخمة من الحجارة، وطبق
الشريعة الإسلامية خاصة فى معاملة الأسرى، ونظم الجهاد بما
يتمشى مع تعاليم الإسلام، فازداد الدخول فى هذا الدين وانتشر
فى منطقة «بحيرة تشاد» كلها. كذلك فقد شجع سلاطين
«الكانم والبرنو» انتشار الثقافة العربية الإسلامية، فأكثروا من
بناء المساجد والكتاتيب، وكانت اللغة العربية هى لغة التعليم
ولغة الحكومة الرسمية، فضلا عن كونها لغة المعاملات التجارية
ولغة المراسلات الدولية، كما كان الحال فى جميع الدول
الإسلامية التى قامت فى بلاد «السودان الغربى»، وظلت الحال
على هذا النحو حتى عصر الاستعمار الأوربى الذى قضى على
اللغة العربية ولم يعد لها إلا وجود محدود بين قليل من الأهالى،
ووجود كبير فى المدارس الدينية الإسلامية. وفى ظل تشجيع
سلاطين «الكانم والبرنو» للثقافة الإسلامية ارتقى العلماء