المعاصرة لتأكيد روح الأخوة الإسلامية وللإفادة من خبراتها
الثقافية والعلمية والإدارية والحضارية فقد اتَّصلت بمصر أثناء
ذهاب أهلها وسلاطينها لتأدية فريضة الحج، وقد سبقت الإشارة
إلى قيام أول سلطان فى «كانم» وهو «أوم بن عبدالجليل»
بأداء هذه الفريضة، وإلى وفاته فى «مصر» عام (٤٩٠هـ =
١٠٩٧م) عند عودته إلى بلاده، وقام ابنه «دونمة» بأداء هذه
الفريضة ثلاث مرات مرَّ خلالها بمصر وفى حجته الثالثة غرق فى
مياه «البحر الأحمر» عند مدينة «عيذاب» فى عام (٥٤٦هـ =
١١٥١م) وواصل مايات «الكانم والبرنو» أداء هذه الفريضة. ومن
مظاهر الاتصال بالدول الإسلامية الرسائل المتبادلة بين سلاطين
«مصر» و «البرنو»، من ذلك رسالة أوردها «ابن فضل الله
العُمَرِى» و «القَلْقَشَنْدِى» وأشارت إلى استغاثة سلطان «البرنو»
بسلطان «مصر» «الظاهر برقوق» فى عام (٧٩٥هـ = ١٣٩٣م)
لمساعدته فى القضاء على تمرد القبائل العربية التى ساعدت
خصومه السياسيين من «البولالا». كذلك كانت هناك علاقات
ثقافية وتجارية بين «مصر» وسلطنة «الكانم والبرنو» من ذلك ما
ترويه لنا المصادر من أن «الأزهر» كان به رواقٌ خُصِّص للطلاب
القادمين من هذه السلطنة يُسمَّى «رواق البرنوية» كما سمحت
«مصر» للكانميين بإنشاء مدرسة تُسمَّى مدرسة «ابن رشيق»
فى مدينة «الفسطاط» بمصر لتدريس الفقه المالكى؛ ولكى تكون
مقرا ينزل به حجاج «البرنو». أما العلاقات التجارية فقد ازدادت
بين «مصر» وبلاد «الكانم والبرنو»، ومما يدل على ذلك أن
طائفة من أهل «كانم» اشتهرت باسم «التجار الكارمية» رحلوا
إلى «مصر» وأقاموا فيها واشتركوا بنصيب موفور فى تجارتها
الخارجية وخاصة فى تصريف المحاصيل السودانية، وتجارة
البهار القادمة من «اليمن» و «الهند» و «الصين»، واتخذت من
مدينة «قوص» بصعيد «مصر» مركزًا لها. وكان لهؤلاء التجار
الذين عُرِفوا بالتقوى والورع فضل كبير فى نشر الإسلام وخاصة