القرن الحادى عشر الميلادى، وعاصر خمسة من ملوك «الكانم»
الذين كانوا يعرفون باسم «المايات» (جمع ماى، وهو لقب
بمعنى: ملك)، أولهم «الماى بولو» الذى كان يحكم نحو (٤١١هـ
= ١٠٢٠م) وآخرهم هو «الماى أوم بن عبدالجليل» الذى بدأ
حكمه فى عام (٤٧٩هـ = ١٠٨٦م) وهو الذى جعل الدين الإسلامى
دينًا رسميا للدولة، وذلك نتيجة لجهود هذا الداعية العظيم الذى
أسلم على يديه هؤلاء المايات الخمسة، وقد قام آخرهم وهو
«الماى أوم بن عبدالجليل» (٤٧٩ - ٤٩٠هـ = ١٠٨٦ - ١٠٩٧م) بجهد
كبير فى نشر الإسلام فى بلاده، ثم اتَّجه إلى الشرق، وذهب
إلى بلاد «الحجاز» لأداء فريضة الحج، ولكن المنية وافته بمصر
أثناء عودته من أداء هذه الفريضة، فدُفِنَ بها، ومنذ عهد هذا
الماى لم يتول حكم دولة «الكانم» أى ملك وثنى، وأصبحت منذ
ذلك التاريخ دولة إسلامية. خلف «الماى دونمة بن أوم» والده
فى حكم البلاد لفترة طويلة (٤٩١ - ٥٤٦هـ = ١٠٩٧ - ١١٥١م)
وبلغت فى عهده دولة «الكانم» درجة كبيرة من القوة والاتساع
وطبقت شهرته الآفاق، وحج ثلاث مرات. وفى عهده بُنيت مدرسة
«ابن رشيق» فى «فسطاط مصر» بأموال كانمية؛ كى تكون
موئلا للحجاج القادمين من «كانم» وبلاد «التكرور». وتابع
خلفاؤه العمل على توسيع حدود هذه الدولة حتى صارت
إمبراطورية كبيرة، وخاصة فى عهد «الماى دونمه بن سالم بن
بكر» (٦١٨ - ٦٥٧هـ = ١٢٢١ - ١٢٥٩م) الذى اشتهر بقوة فرسانه،
وكثرتهم حتى قيل إنها بلغت نحوًا من (٤١) ألف فارس، ويُعرف
هذا الماى باسم «دونمه دباليمى»، نسبة إلى والدته «دابال»؛
حيث كانت النسبة إلى الأم شيئًا مألوفًا ومشهورًا فى هذه
السلطنة بالذات. وقد حارب هذا الماى القبائل المتمردة، مثل
قبائل «البولالا» الذين كانوا يعيشون فى حوض بحيرة «فترى
الصغيرة» الواقعة إلى الشرق من «بحيرة تشاد»، وأخضعها
وأقام علاقات طيبة مع «الدولة الحفصية» فى «تونس». واتسعت