وقد اهتم الخلفاء العباسيون بالدواوين؛ فكثرت اختصاصاتها
وتنوعت بسبب التعاون الوثيق بين العباسيين والفرس، فقد أخذ
العباسيون الخبرة الفارسية فى مجال الإدارة، كما احتفظوا ببعض
تنظيمات «الدولة الأموية»، خصوصًا فى الدواوين والدوائر الرسمية،
كما استحدثوا بعض الدواوين كديوان المصادرات، وديوان الأزمّة
(المحاسبة) وديوان المظالم، وغيرها.
ز - القضاء:
وهو من الوظائف المهمة فى «الدولة الإسلامية»، ويقوم على
المحافظة على حقوق الرعية وإقرار العدل والإنصاف بين جميع
الطبقات، وحماية الأخلاق العامة، مستمِدا أحكامه من الكتاب والسنة،
ونظرًا لأهمية هذا المنصب فقد وضع العلماء المواصفات التى يجب
توافرها فى القاضى، ومنها: أن يكون رجلاً قوياً عاقلاً حرا مسلمًا
عادلاً، ويتمتع بالسلامة فى السمع والبصر، وأن يكون عالمًا بأحكام
الشريعة.
وقد حظى القضاة فى العصر العباسى الأول بالتبجيل والاحترام،
وكان تعيينهم وعزلهم يتم بأمر الخليفة، وأول من فعل ذلك الخليفة
«المنصور»، فقد عين قضاة البلاد بأمره سنة (١٣٦هـ= ٧٥٣م).
وقد استقرت المذاهب الفقهية فى عهد «الدولة العباسية»، وتحددت
مهام القضاة وكيفية الإجراء القضائى، وتوحد القانون وأصبحت
جلسات القاضى علنية فى المسجد وخصوصًا فى عهد «المأمون».
كما اهتم خلفاء العباسيين بالتثبت من الأحكام، فعيَّنوا جماعة من
المُزَكِّين، وظيفتهم تتبع أحوال الشهود، فإذا طعن الخصم فى
شهادة أحد الشهود سُئل عنه المزكى، كما اهتموا بأحوال القضاة
المادية حتى يعيشوا فى يسر ورخاء.
وقد تطور القضاء بصورة ملحوظة فى العصر العباسى الأول، وظهر
منصب «قاضى القضاة»، وكان يقيم فى عاصمة الدولة، ويقوم
بتعيين القضاة فى الأقاليم والبلاد المختلفة، وأول من لقب «قاضى
القضاة» «أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم»، صاحب كتاب «الخراج»،
فى عهد «الرشيد».
ثانيًا: الأوضاع الاقتصادية والعمرانية: