للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفوذ على عربان الساحل وعلى المدن التى تحيط بها، وكان

تجارها أول من وصلوا إلى بلاد «سفالة»، واستخرجوا منها

الذهب، مما درَّ عليهم أموالا كثيرة، استفادوا منها فى تطوير

«مقديشيو» فحلت المنازل المشيدة بالأحجار على الطراز العربى

محل المبانى الخشبية ومحل المساكن المتخذة من القش المغطى

بجلود الحيوانات. وكانت «مقديشيو» فى عهدهم بمثابة العاصمة

لجميع البلاد المجاورة ومركزًا للمدن العربية الأخرى التى امتدت

على طول الشاطئ، فكانت جموع الناس ترد على «مقديشيو»

من هذه المدن، فيجتمعون فى مسجدها الجامع حيث يؤدون

صلاة الجمعة، مما يدل على أهمية مركز «مقديشيو» الدينى

والثقافى عند سكان الساحل جميعًا، حتى اعتبرت العاصمة

الثقافية لساحل الزنج كله، وزعيمة عرب هذا الساحل؛ نتيجة لما

وصلت إليه من قوة ونفوذ، ولما قامت به من دور مهم فى نشر

العروبة والإسلام. وعندما وصل الشيرازيون المهاجرون بقيادة

«على بن حسن بن على» إلى «مقديشيو» بعد حوالى سبعين

عامًا من بنائها، لم يستطيعوا دخولها لحصانتها ومناعتها

فتركوها واتجهوا جنوبًا إلى «كلوة»؛ حيث أقاموا هناك سلطنة

إسلامية، فكانت هى و «مقديشيو» أهم مدينتين على الساحل

من القرن العاشر إلى الخامس عشر الميلادى، ولم تستطع

إحداهما أن تسيطر على الساحل سيطرة كاملة. وعند قدوم «ابن

بطوطة» إلى «مقديشيو» كانت تسيطر عليها قبيلة الأجران

الصومالية، وكان سلطانها يسمى «أبا بكر بن الشيخ عمر»،

ويبدو أن سيطرة هذه الأسرة كان أمرًا عارضًا؛ بدليل أن

البرتغاليين عندما قَدِموا إليها كان حكامها من أسرة «المظفر»

من «بنى الحارث» الذين أسسوها من قبل. ونظرًا لطول مدة حكم

هذه الأسرة فقد كانت لها جهود كبيرة فى تعريب كثير من

القبائل الصومالية خاصة الساحلية، التى دخلت فى الإسلام على

أيديهم، ذلك أن هذه القبائل وخاصة قبيلة «الأجران» كانت

تربطها بأسرة «المظفر» الحارثية صلات تجارية كبيرة. ولاشك

<<  <  ج: ص:  >  >>