أن هذه العلاقات التجارية لابد أن تؤتى ثمارها فى نشر الإسلام
بين هذه القبيلة وغيرها من القبائل الصومالية، التى اتصلت
بسلطنة «مقديشيو» الإسلامية، التى أكثرت من إنشاء المساجد
والجوامع التى لايزال بعضها باقيًا حتى الآن، منها مسجد عليه
كتابة تبين تاريخ تأسيسه وهو سنة (٦٣٧هـ = ١٢٣٩م)، أى قبل
مرور «ابن بطوطة» بها بنحو قرن من الزمان، ولعله «مسجد
عبدالعزيز» الذى بُنى فى «مقديشيو» منذ سبعمائة عام تقريبًا،
ولازال موجودًا حتى الآن. وقد وصل إلينا كثير من المعلومات عن
بلاد الصومال بفضل ما كتبه عنها الرحالة والجغرافيون العرب،
مثل: «المسعودى» و «الإدريسى» و «ابن بطوطة» الذى أمدنا
بوصف دقيق لعدد من المدن الإفريقية وأحوال سكانها المسلمين،
ولاسيما «مقديشيو»، التى زارها عام (١٣٣٢م) و «زيلع» التى
قال عنها: «إنه يسكنها طائفة من السودان شافعية المذهب
وهى مدينة كبيرة، لها سوق عظيمة لها رائحة غير مستحبة
بسبب كثرة السمك ودماء الإبل التى ينحرونها فى الأزقة
والطرقات». ثم أقلع «ابن بطوطة» إلى «مقديشيو» واستقر بها
أسبوعًا، وأتيح له أن يتصل بقاضيها وعلمائها وسلطانها
الشيخ «أبى بكر ابن الشيخ عمر» الذى استضافه مدة إقامته،
وقد أمدنا بمعلومات كثيرة عن طعام أهلها وفاكهتها وملابس
شعبها وتقاليد سلطانها فى مواكبه ومجالسه، وعن مجالس
الفقهاء والعلماء وذوى الرأى، وعن كيفية نظرهم فى شكوى
الناس، وتطبيقهم للشريعة الإسلامية. بعد ذلك يصف «ابن بطوطة»
الازدهار الاقتصادى الذى كانت تنعم به سلطنة «مقديشيو»
الإسلامية فيقول: «إن هذه المدينة مدينة واسعة كبيرة يمتلك
أهلها عددًا وافرًا من الجِمال والماعز، ينحرون منها مئات كل
يوم، وإنهم تجار أغنياء أقوياء، بعضهم يقوم بصناعة ثياب
جميلة لا نظير لها تُصدَّر إلى مصر وغيرها من البلاد». وكى
يشجعوا التجار على القدوم إلى بلادهم كان من عادتهم أنه متى