وصل مركب أو سفينة محملة بالتجار والبضائع إلى ميناء
«مقديشيو» يركب شباب هذه المدينة فى قوارب صغيرة ويحمل
كل منهم طبقًا مُغطى فيه طعام، فيقدمه لتاجر من التجار
القادمين على هذه السفن ويقول «هذا نزيلى» فينزل معه هذا
التاجر إلى داره، ويساعده هذا الشاب فى عمليات البيع
والشراء، مما أدى إلى رواج تجارتهم مع الأقطار الخارجية. وقد
استمرت سيادة «مقديشيو» على ساحل «بنادر» حتى القرن
السادس عشر الميلادى حينما فقدت أهميتها وانحطت منزلتها
كمركز تجارى، خاصة بعد انتشار التجارة بين عدة مدن ساحلية
أخرى منافسة لمقديشيو، وتعرضها والمنطقة للخطر البرتغالى،
فقد ضرب «فاسكودى جاما» «مقديشيو» بالمدافع فى أثناء
عودته من «الهند» عام (١٤٩٨م)، ثم استولى أحد قواد البرتغال
على مدينة «براوة» عام (١٥٠٧م)، وحاول الاثنان الاستيلاء على
«مقديشيو» لكنهما فشلا، وغزا «لوبى سواريز» «زيلع» عام
(١٥١٥م) وأضرم فيها النار، كما حاصر البرتغاليون «بربرة» عام
(١٥١٦م). وهكذا نرى أن البرتغاليين قادوا حربًا صليبية ضد
المسلمين فى شرق إفريقيا و «الصومال»، ومن المدهش حقا أنه
كان من نتائج تلك الحملة الوحشية انتشار الإسلام، ذلك لأن
السكان المسلمين الذين تركوا الساحل أمام نيران المعتدين
البرتغاليين لجئوا إلى الداخل، حيث اختلطوا بالقبائل الصومالية
ونشروا الإسلام بينها، فنتج عن ذلك «شعب الصومال» المسلم،
وبسبب كثرة الهجرات العربية من بلاد «اليمن» و «الحجاز»
وامتزاجها بأهل تلك البلاد؛ انتشرت اللغة العربية والدم العربى
بدرجة كبيرة، وأصبحت العربية هى لغة التخاطب بجانب اللغة
المحلية، وكانت قبائل «الصومال» بعد اعتناقها الإسلام هى
السند والحصن الذى لجأ إليه «أحمد القرين» فى صراعه ضد
ملوك «الحبشة»، مما يدل على تمسك شعب الصومال بالإسلام
ودفاعهم عنه دفاعًا قويا، ولا غرو فالصومال الآن كما هو
معروف إحدى دول الجامعة العربية.