حضور البلاط القشتالى باعتباره واحدًا من أمراء الملك، وعلى
مده بالجنود كلما طلب منه ذلك، وبالفعل أمده ابن الأحمر بقوات
ساعدت على سقوط «إشبيلية» فى يد النصارى فى (٣ شعبان
٦٤٦هـ = نوفمبر ١٢٤٨م). وفى (جمادى الثانية ٦٧١هـ = ديسمبر
١٢٧٢م) توفى محمد بن يوسف بن نصير الملقب بالشيخ، وكان
قد أخذ البيعة لولده محمد، فأقر بذلك مبدأ الملكية الوراثية، وقد
اعتلى محمد الثانى العرش ولقب بالفقيه؛ لاشتغاله بالعلم أيام
أبيه، وقال عنه ابن الخطيب: «وهو الذى رتب رسوم الملك للدولة
ووضع ألقاب خدمتها، ونظم دواوينها وجبايتها، هذا إلى جانب
اعتنائه بالجيش وخاصة فرق الفرسان .. وكان سياسيا بارزًا .. ،
أديبًا عالمًا، يقرض الشعر ويجالس العلماء والأدباء والأطباء
والمنجمين والحكماء، والكتاب والشعراء». وقد واجه الأمير
الجديد ثلاث مشكلات هى، مشكلته مع الإسبان، وقد نجح فى
تحقيق انتصارات عليهم منتهزًا فرصة موت مليكهم، ومع
المرينيين الذين استنصر بهم ليعاونوه فى الجهاد ضد المسيحيين
فإذا بهم يطمعون فى الاستيلاء على الأندلس، الشىء الذى
دفعه إلى التحالف مع ملك أراجون تارة ومع ملك قشتالة تارة
أخرى لدرء خطر المرينيين، وعلى الرغم من تحسن العلاقات بين
غرناطة وفاس، فإن الفقيه لم يكن يطمئن إلى نياتهم، وقد
دفعهم ذلك إلى التحالف مع النصارى مرات، وأخيرًا كانت هناك
مشكلة مع أصهار أبيه «بنى أشقيلولة» التى اشتدت فى زمنه،
وانتهت بصدور أمر يقضى بتهجيرهم إلى مدينة القصر الكبير
بشمالى المغرب جنوب مدينة سبتة سنة (٦٨٧هـ = ١٢٨٨ م).
وعلى كل حال فقد توفى محمد الفقيه فى (شعبان ٧٠١هـ =
أبريل ١٣٠٢م) بعد أن نجح فى دعم دولته داخليا وخارجيا. تولى
الأمر بعد محمد الفقيه ابنه أبو عبدالله محمد، وفى عهده تحالف
ملكا قشتالة وأراجون على غزو مملكة غرناطة برا وبحرًا، ولكن
«ألمرية» تمكنت من الصمود فى مواجهة أقصى هجوم عرفته