فى تاريخها وتمكن جيشها بقيادة شيخ الغزاة «عثمان بن أبى
العلاء» من هزيمة جيش أراجون، لكن العلاقة ساءت بين غرناطة
وفاس، وقام صاحب مالقة بثورة عارمة ضد الحكومة المركزية،
وكانت فتنة وقتال وحرب وهدنة استمرت أعوامًا ولم تنته إلا
بموت الأمير. ثم تولى أبو الوليد إسماعيل بن فرح (٧١٣هـ =
١٣١٣م) الذى اشتهر بإقامة الحدود وتطبيق الشرع، وفى عهده
قام القشتاليون بهجوم ضخم على غرناطة، انتهى بمقتل أميرى
الجيش النصرانى فى مروج غرناطة، وانتهز الأمير فرصة
منازعات بين أمراء قشتالة واستولى على بعض المدن القشتالية
ومنها مدينة «أشكر»، وقد استخدم الغرناطيون المدفع لأول مرة
عند منازلتهم لها. ثم تولى أبو عبدالله محمد الرابع بن إسماعيل
(٧٢٥هـ = ١٣٢٥م) الذى اشتهر بالشجاعة كما كان مغرمًا بالصيد
محبا للأدب والشعر، وفى عهده قامت بعض الفتن الداخلية التى
انتهزها النصارى واستولوا على عدد من الحصون، كما أحرز
أسطولهم نصرًا على الأسطول الإسلامى فى ألمرية ومالقة. وقد
دفع هذا السلطان أن يعبر بنفسه إلى المغرب ليستنجد ببنى
مرين الذين أجابوه إلى ما طلب، ونزلت قوات المرينيين على
جبل الفتح وأمكنها الاستيلاء عليه عام (٧٣٣هـ = ١٣٣٣م)، ولكن
السلطان قُتل فى طريق عودته إلى غرناطة وتولى من بعده
أخوه أبو الحجاج يوسف الأول. وشهدت مملكة غرناطة فى
عهده عصرها الذهبى، فأنشئت المدرسة اليوسفية والنصيرية،
وجرى الاهتمام بتحصين البلاد، وإنشاء المصانع، وإقامة
الحصون، وبناء السور العظيم حول ربض البيازين فى غرناطة،
وأضيفت منشآت كثيرة إلى قصر الحمراء منها باب الشريعة
وغيره، وكان السلطان حريصًا على تفقد أحوال شعبه بنفسه.
ومن الأحداث العظام فى عهده: الوباء الأسود الذى تفشى فى
حوض البحر الأبيض المتوسط عامى (٧٤٩ - ٧٥٠هـ = ١٣٤٨ -
١٣٤٩م)، وشمل المشرق والمغرب، وراح ضحيته عدد عظيم من
علماء الأندلس ورجال الدين والأدب والسياسة فيها. وعلى الرغم