إلى المرتضى فنزع سلاحهم وصادر أموالهم واعتقل زعماءهم
وعلى رأسهم «أبو الحزم بن جهور»، ثم تربص جماعة من
الصقالبة بعلى هذا، وقتلوه فى الحمام فى (الثانى من ذى
القعدة سنة ٤٠٨هـ = ٢٣من مارس ١٠١٨م) بعد خلافة دامت عامًا
وتسعة أشهر. بعث زعماء زناتة بخبر مقتل «على» لأخيه القاسم
الذى كان واليًا على إشبيلية، فخف مسرعًا، وبويع بالخلافة
فى الثامن من الشهر نفسه وتلقب بالمأمون، وقد مال فى
سياسته إلى اللين والإحسان إلى الناس وحاول التقرب إلى
الفتيان العامريين، فولَّى زهير العامرى على جيان وقلعة رباح
لكنه لم يستطع التخلص من سيطرة البربر عليه، فتآمر عليه أبناء
أخيه، وزحف يحيى بن على بن حمود على قرطبة، وبويع
بالخلافة فى جمادى الأولى سنة (٤١٢هـ = ١٠٢١م) وتلقب
بالمعتلى بالله، أما القاسم فقد استقر به المقام فى إشبيلية
وتلقب بالخلافة أيضًا. والعجيب أن كلا الرجلين اعترف لصاحبه
بالخلافة، ولم يسمع قبل ذلك بخليفتين تصالحا واعترف كل
منهما بصاحبه من قبل. ثم لم يلبث أن دعا البربر القاسم إلى
قرطبة، وولوه الخلافة فى (١٨ من ذى القعدة من العام نفسهـ)،
ولقب بأمير المؤمنين، ولكن الرجل لم يكن موفقًا فى سياسته،
فقد أعان البربر على أهل قرطبة فعاملوهم معاملة قاسية
وطاردوهم وأهانوهم، وجرت معارك متفرقة بين الطائفتين، ثم
جرت موقعة كبيرة فاصلة انتهت بانتصار القرطبيين وتمزيق
البرابرة، واضطر القاسم إلى الرجوع إلى إشبيلية، وجرت
تطورات عاد البربر بعدها وبايعوا يحيى بن على بن حمود
ولقبوه بالمعتلى بالله، أما القاسم فقد سجن وبقى فى محبسه
حتى قتل خنقًا بعد ذلك بفترة سنة (٤٣١هـ = ١٠٤٠م). كان أهل
قرطبة قد سئموا سلوك البربر وقتالهم، وقرروا رد الأمر لبنى
أمية، وعقدت جلسة لهذا الغرض فى المسجد الجامع تمت فيها
مبايعة عبدالرحمن بن هشام فى (١٦ من رمضان سنة ٤١٤هـ=
ديسمبر سنة ١٠٢٣م)، ولقب بالمستظهر بالله، وتولى وزارته