«الشيئى» الكبير، وانحدر تجاه المقياس، وكان قد نزل السلطان
والأمراء لمشاهدة ذلك، واجتمع من العالم ما لم يحصهم إلا الله
-تعالى- وبلغ كراء المركب الذى يحمل عشرة آلاف نفس مائة
درهم، وامتلأ البران من «بولاق» إلى دار الصناعة حتى لم يوجد
موضع قدم خالٍ، ووقف العسكر على بربستان الخشب، وركب
الأمراء الحراريق إلى «الروضة»، وبرزت الشوائى للعب كأنها
فى الحرب؛ فلعب الأول والثانى والثالث، وأعجب الناس بذلك
إعجابًا زائدًا لكثرة ما كان فيها من آلات الحرب، ثم تقدَّم الرابع
وفيه «أقوش» فما هو إلا أن خرج من منية الصناعة بمصر،
وتوسط النيل. وإذا بالريح حركة، فانقلبت، وأنقذ الناس
الشيئى، وأصلحوه، وسافروا بالشوائى لطرابلس، وليس أدل
على اهتمام المماليك بأمر الأساطيل من اشتراك الأهالى مع
الحكومة فى عرض الجيوش الحربية والأساطيل، والعمل على
تقويتها وبناء سفن كثيرة، وقد أطلق الشعب على رجال
الأسطول لقب: «المجاهدون فى سبيل الله والغزاة فى أعداء
الله» وكان الناس يتبركون بدعائهم تعظيمًا لهم». وهكذا كانت
عناية المماليك بالجيش، وكذلك كان اهتمامهم بالأسطول، وبذلك
وصلت الأمة الإسلامية إلى ماوصلت إليه من مكانة سامية وشأن
عظيم على أيديهم. النظم الإدارية فى عهد المماليك: أهم
الدواوين: تكون الجهاز الإدارى فى «مصر» والشام من عدة
دواوين حكومية، يشرف كل منها على ناحية معينة من نواحى
الإدارة العامة، وكانت أهم هذه الدواوين فى هذا العهد ما يلى:
«ديوان الأحباس»، و «ديوان النظر»، و «ديوان الخاص»، و «ديوان
الإنشاء». أما «ديوان الأحباس» فيشبه وزارة الأوقاف فى وقتنا
الحالى، ويتولى صاحب هذا الديوان الإشراف على المساجد
والربط، والزوايا، والمدارس، والأراضى، والعقارات المحبوسة
عليها، والإحسان إلى الفقراء والمعوزين. و «ديوان النظر» يشبه
وزارة المالية حاليًا، وترجع إليه سائر الدواوين فى كل ما يتعلق