المدرسة والخانقاه فى سنة (٨٦٣هـ). كذلك أقام «برسباى»
مسجدًا وتربة وزاوية بالصحراء، ولم يكن وحده هو الذى فعل
ذلك، فقد كان أغلب سلاطين المماليك يحرصون على بناء مسجد
ومدفن لكل منهم فى الصحراء بشرق «القاهرة»، ذلك إضافة
إلى ما يقومون به من منشآت فى أرجاء البلاد، مثلما فعل
«بيبرس» حين أقام «قنطرة المجذوب» بأسيوط، وجدد «الحرم
الشريف» بمكة، و «الجامع الأزهر» بمصر. ويُعدُّ «قايتباى» أشهر
سلاطين المماليك البرجية شغفًا بالبناء والعمران، إذ أنفق مائة
ألف دينار على إعادة تشييد «مسجد المدينة المنورة» بخلاف ما
أنفقه على تشييد وبناء مسجده، وبناء «قلعة الإسكندرية»
المعروفة باسمه، وكذلك أقام مبانى جديدة بقلعة الجبل، وقام
«السلطان الغورى» من بعده بتحصين «الإسكندرية» و «رشيد».
ويعد عصر المماليك- بحق - أحد العصور الذهبية فى تاريخ
العمارة الإسلامية، فقد كان الإقبال غظيماً على تشييد المساجد
والمدارس والأضرحة، والاهتمام بالمهارات الفنية والزخرفية،
والعمل على إتقان بناء المنارات والقباب وواجهات المنشآت
والإيوانات والأعمدة وزخرفتها، وزخرفة المدارس والمساجد من
الداخل والخارج، وقد كانت العناية بزخرفة وتجميل كل ذلك
إحدى سمات هذا العصر. النهضة فى مجال العلوم والآداب: لاشك
أن المؤسسات العلمية التى أنشأها المماليك نهضت بمستوى
العلم وتقدمه فى عهدهم، وأبرزت نخبة من ألمع العلماء فى
مختلف مجالات الثقافة والعلوم، فكان منهم الفقهاء: شيخ
الحنابلة «أحمد بن تيمية»، ومن المؤرخين: «أبو الفدا» صاحب
«التاريخ والسير»، و «المقريزى المصرى» صاحب «الخطط»
و «السلوك»، و «ابن خلكان» صاحب «وفيات الأعيان»، كما كان
من كُتَّاب السير الطبيب الشهير «ابن أبى أصيبعة»، الذى درس
بدمشق و «القاهرة»، ثم وضع تراجم للأطباء فى مؤلفه: «عيون
الأنباء»، وكذلك كان «ابن إياس» صاحب «بدائع الزهور»،
و «القلقشندى» صاحب «صبح الأعشى»، ومن الشاميين نجد