السلطان «قلاوون» فقد أنشأ القبة التى دُفِن تحتها، كما أنشأ
مسجده ومدرسته، ومارستانه الذى عُرف بمستشفى «قلاوون»،
ثم يأتى ابنه «السلطان الناصر محمد ابن قلاوون»، وكان شغوفًا
بسياسة أبيه فى الإنشاء والبناء، فشيد «المدرسة الناصرية»
(بحى النحاسين)، وعين بها مدرسين للمذاهب الأربعة، وألحق
بها مكتبة حافلة بنوادر الكتب وأمهاتها، ولاتزال هذه المدرسة
باقية بحالة جيدة حتى اليوم، وكذلك بنى «الناصر محمد»
«القصر الأبلق» بقلعة الجبل، وسُمى بذلك لأنه بنى من الحجر
الأبيض والحجر الأسود، وفى سنة (٧١٨هـ) شيد «الناصر»
مسجده بالقلعة، ثم هدمه فى سنة (٧٣٥هـ) ليعيد توسيعه وبناءه
من جديد، وقام بتجديد بناء المارستان الكبير الذى أسسه والده
«قلاوون»، وأنشأ «خانقاه» (بيت لفقراء الصوفية) فى
«سرياقوس» من ضواحى «القاهرة» فى سنة (٧٢٣هـ)، (أصبحت
«سرياقوس» اليوم تابعة لمركز «الخانكة» بمحافظة
«القليوبية»)، وقد شيد «الناصر» سبيلا ألحقه بجوار مدرسته
وجامع أبيه «قلاوون»؛ لأنهما متجاوران. ولعل أعظم إنشاءات
دولة المماليك البحرية ما قام به السلطان «حسن بن الناصر محمد
بن قلاوون» حين أنشأ مسجده ومدرسته بالقرب من القلعة.
منشآت دولة المماليك البرجية: ازدادت المنشآت فى عصر دولة
المماليك البرجية، ولعل أفضل مثال على منشآت ذلك العهد
ماقام به «الأشرف برسباى» للعمارة الإسلامية، فقد قام بتأسيس
عدة مبانٍ كان أهمها مدرسته الأشرفية التى عند «سوق
الوراقين» بالقاهرة، إذ رسم حدودها فى سنة (٨٢٦هـ) وعين
«الشيخ علاء الدين ابن الرومى الحنفى» أستاذًا لها، ثم أتم
بناءها فى سنة (٨٢٩هـ)، وكذلك قام «برسباى» بإنشاء
مدرسة بجوار «خانقاه سرياقوس» فى سنة (٨٤١هـ)، وكانت
هذه المدرسة مجمعًا دينيا يشمل: مدرسة، وكُتَّابًا، وسبيلا،
وخانقاه للصوفية، وكان القاضى «محب الدين بن رسول
الكرادى» الحنفى، المعروف بابن الأشقرت، أحد الذين تولوا أمر