تتوافر لهذه الأمم الضعيفة القدرة على اتخاذ القرار فيما يخصها،
وتصبح فريسة للتدخل الأجنبى، وطمع المستعمرين، ولقد كان
المماليك من القوة الاقتصادية لدرجة أن دولتهم بلغت حدا من
الثراء لم تؤثر عليه الحروب العديدة التى خاضوها، بالإضافة إلى
الإنشاءات والإصلاحات التى قامت بها فى طول البلاد وعرضها؛
إذ تعددت مصادر الثروة التى زخرت بها خزائن المماليك،
فبالإضافة إلى ضرائب الخراج، والتركات التى لا وارث لها كانت
هناك مصادر أساسية وثابتة لزيادة موارد الدولة؛ إذ اهتم
المماليك بالزراعة والصناعة والتجارة، وأقاموا مقاييس للنيل،
وطهروا الترع، وأنشئوا الجسور ونظموا الرى وحسَّنوا وسائله،
كما اعتنوا بصناعة المنسوجات، ونشطوا فى اكتشاف
واستخراج المعادن، التى كان من أهمها: «الزمرد» و «الشب»
و «النطرون»، فكان «الشب» يُستخرج من الوجه القبلى
والواحات، ويُحمل إلى «قوص» أو إلى «أسيوط» و «أخميم»
و «البهنسا»، ثم ينقل منها عن طريق النيل إلى «الإسكندرية»
وفيها يباع للأوربيين، وخصصت الحكومة ثلث ثمنه لدفع رواتب
الأمراء، ولتوفير بعض احتياجات الجيش الكثيرة؛ لكثرة حروبهم
فى ذلك الوقت. وكانت التجارة - بحق - أعظم مصادر الثروة فى
العهد المملوكى؛ إذ قاموا بتشجيعها، وعقدوا المحالفات
والاتفاقات التجارية مع إمبراطور «القسطنطينية»، وملوك
«إسبانيا»، وأمراء «نابلس»، و «جنوة»، و «البندقية» وسلاجقة
«آسيا الصغرى»، وكاد المماليك أن يحتكروا تجارة «الهند» -
خاصة التوابل - بالاتفاق مع أمراء الموانئ الإيطالية، فكان لذلك
أكبر الأثر فى نمو ثروات البلاد وزيادتها، خاصة بعد أن بسط
المماليك سلطانهم على «مكة» و «جدة»، وأصبحت «مكة» من
أشهر الأسواق التجارية فى الشرق فانتعشت حالة البلاد
الاقتصادية وازدهرت، ويدل على ذلك كثرة الإنشاءات المعمارية
والتجهيزات الحربية فى ذلك الحين، إلا أن لحالة الركود - التى