فى الانفراد بأعدائه، والقضاء عليهم واحدًا تلو الأخر، أما
(شارلمان (فقد تعرض جيشه للفشل أمام أسوار (سرقسطة (،
ولإبادة مؤخرته عند عودته إلى (فرنسا (مارًّا بجبال البرنيه. ومن
الأعمال المهمة لعبد الرحمن الداخل: بناؤه مسجد (قرطبة (الجامع،
الذى غدا بعد ذلك أكبر وأشهر مسجد فى غربىِّ العالم
الإسلامى، وكان ذلك فى عام (١٧٦هـ=٧٩٢م)، بلإضافة إلى
تجميل (قرطبة (، وبناء (الرصافة (. وهكذا تمكَّن (عبد الرحمن (من
تأسيس إمارة قويَّة وراثيَّة، تدين بالولاء له ولأولاده من بعده.٢ -
(هشام الأول ((الرضا ((١٧٢ - ١٨٠ هـ = ٧٨٨ - ٧٩٦م).خَلَفَ الأمير
(هشام بن عبد الرحمن الداخل (والده فى حكم إمارة مستقلة
مستقرة،، ولم يواجه من المشاكل إلا ثورة أخويه (سليمان
(،و (عبد الله (، اللذين رأيا أنَّهما أحقُّ من (هشام (بالإمارة، وتغلَّب
عليهما (هشام (، وتفرَّغ - بعد ذلك - لمحاربة نصارى شمالىِّ
الأندلس، الذين قوى ساعدهم؛ نتيجة فترة الفتنة والضعف التى
أصابت (الأندلس (فى عصر الولاة، فأرسل حملة قوية بقيادة
(عبيد الله بن عثمان (تمكنت من هزيمة (الجلالقة (، وأخرى بقيادة
(يوسف بن بُخت (، حققت الكثير من الانتصارات. وفى سنة
(١٧٦هـ=٧٩٢م) تأهب لغزو الفرنجة، ووقف هجماتهم على
(شمالى الأندلس (، فأرسل جيشًا كثيفًا بقيادة حاجبه (عبد الملك
بن عبد الواحد بن مغيث (، لغزو مناطق خلف جبال البرتات،
وتمكن من تحقيق عدد من الانتصارات. وعُرِف الأمير
(هشام (بالتقوى، والورع، ومحبَّة الفقهاء، وحضور مجالس العلم،
وأنشأ الكثير من المساجد، وعلى أيّامه بدأ المذهب المالكى
فى الانتشار على أيدى عدد من العلماء، منهم: (زياد بن عبد
الرحمن (،و (عيسى بن دينار (،و (يحيى بن يحيى الليثى (وكانت (
الأندلس (- قبل ذلك - على مذهب الأوزاعى، كما أنَّه جدَّد بناء
القنطرة الرومانية على نهر الوادى الكبير، ولم يطل العمر بالأمير