شغلت ثورته باقى عصر الإمارة كله، ولم يُقْضَ عليها إلا على
عهد الأمير (عبد الرحمن الناصر (، أول خلفاء الأندلس. ٦ - الأمير
(المنذر بن محمد بن عبد الرحمن ((٢٧٣ - ٢٧٥هـ= ٨٨٦ - ٨٨٨م). وُلد
الأمير (المنذر (فى (قرطبة (، سنة (٢٢٩هـ= ٨٤٣م)، وكان أثيرًا لدي
والده من بين إخوته يختاره لجلائل الأمور، ويندبه لقيادة الجيش
كلما ألمَّ بالإمارة خَطْبٌ. وقد أبلى المنذر بلاء حسنًا فى مقاتلة
الثوار والخوارج، وحينما تولى العرش كانت الفتنة قد تفاقمت،
وعمت الثورة أنحاء البلاد، فشمَّر عن ساعديه للقضاء عليها،
وإعادة الأمن والنظام إلى الإمارة المضطربة، وحماية عرش الدولة
من كيد الكائدين. سيَّر (المنذر (حملاته إلى (طليطلة (فى محاولة
لإخضاعها، كما ركَّز جهوده فى القضاء على (عمر بن حفصون (،
الذى استشرى أمره، وأصبح خطرًا حقيقيًّا على الإمارة
الأندلسية، ولقد تمكن الأمير (المنذر (من ضرب حصار شديد على
قلعة (ابن حفصون (، حتى كادت تسقط فى يده، وفىتلك
اللحظات مات الأمير المنذر فجأة أمام أسوار القلعة وتجمع معظم
الروايات التاريخية على موته مسمومًا. وكان الأمير (المنذر (ذا همَّة
عظيمة، وجاء موته ضربة شديدة لقرطبة، التى اضطرت إلى رفع
الحصار عن (ببشتر (وعودة الجيش إلى (قرطبة (، وازدياد الفتنة
فى كل أنحاء الأندلس. ٧ - الأمير (عبد الله بن محمد بن عبد
الرحمن ((٢٧٥ - ٣٠٠هـ= ٨٨٨ - ٩١٢م). ولد الأمير (عبد الله (فى
(قرطبة (عام (٢٢٩هـ= ٨٤٣م)، وهو نفس عام ميلاد أخيه (المنذر (،
وكان معه فى حصاره لببشتر، وتتهمه بعض الروايات التاريخية
بتدبير مؤامرة قتل أخيه (المنذر (؛ لكى يصل إلى عرش الإمارة
فى (الأندلس (. بويع بالإمارة بعد أخيه، ورفع الحصار عن
(ببشتر (، وعاد بالجيش إلى (قرطبة، وبدأ حكمه الطويل فى
ظروف سيئة جدًّا؛ فالخلاف يمزِّق (الأندلس (، وعرش بنى أمية
على وشك الانهيار، وامتدت الثورة إلى الحواضر الأندلسية