الدولة» فى سبيل ذلك خطوات بالغة الخطورة أسهمت فى إثارة
عوامل الفتنة والاضطراب داخل مجتمع «العراق»؛ ففى (ربيع الآخر
سنة ٣٥١= مايو سنة ٩٦٢م) أصدر «معز الدولة» أمرًا بأن يُكتَب على
المساجد لَعْنُ «معاوية بن أبى سفيان» وغيره من الصحابة كأبى
بكر و «عمر»؛ حيث يتهمهم الشيعة بإساءة معاملتهم وغصبهم
حقوقهم، ولم يستطع الخليفة العباسى منع ذلك، وفى العاشر من
(المحرم سنة ٣٥٢هـ= يناير سنة ٩٦٣م) أصدر «معز الدولة» أمرًا بتوقف
الناس عن البيع والشراء فى ذلك اليوم، وإظهار البكاء والعويل،
وأمر النساء أن يخرجن حاسرات الرءوس قد شققن ثيابهن وهن
يلطمن الوجوه على «الحسين ابن على بن أبى طالب» فى ذكرى
استشهاده بكربلاء، وكان هذا أول يوم يحدث فيه ذلك ببغداد، ولم
يستطع الخليفة وأهل السنة أن يمنعوا ذلك لكثرة الشيعة ومناصرة
السلطان «معز الدولة» لهم.
وقد أحدثت هذه المظاهر الشاذة آثارها السيئة بين الناس، ففى
العاشر من (المحرم سنة ٣٥٣هـ= يناير سنة ٩٦٤م) - على سبيل المثال -
تم إغلاق الأسواق فى «بغداد»، وفعل الناس ما تقدم ذكره، فثارت
فتنة عظيمة بين الشيعة والسنة، أُصيب فيها كثيرون ونُهبت الأموال،
وجدير بالذكر أن هذه الممارسات التى شجعها البويهيون ماتزال
آثارها موجودة حتى الآن.
ومن أهم ما سجله «معز الدولة» من انتصارات: تخليص «عُمان» فى
(ذى الحجة سنة ٣٥٥هـ = نوفمبرسنة ٩٦٦م) من يد القرامطة الذين
كانوا قد استولوا عليها وعاثوا بها فسادًا، فأصبحت بذلك ضمن
مملكة البويهيين.
ظل «معز الدولة» اثنين وعشرين عامًا يدير الأمور فى «بغداد»، حتى
تُوفِّى فى الثالث عشر من (ربيع الآخر سنة ٣٥٦هـ= مارس سنة ٩٦٧م)،
فتولى ابنه «بختيار» إمارة «العراق» بعهد منه، ولُقب «عز الدولة».
وقد قدم «عز الدولة» صورة صارخة لانصرافه عن المهام الكبرى
واهتمامه بملذاته الشخصية، فقد أنفق وقته فى اللهو والتسلية