وعِشرة النساء والاستماع إلى الغناء، واستولى على أموال كبار
رجال الدولة وعلى رأسهم الخليفة فى سبيل ذلك.
ففى سنة (٣٦١هـ= ٩٧٢م) هاجم الروم ثغور «الجزيرة» ومن بينها
«الرها» و «نصيبين»، فأحرقوا البلاد وخربوها وغنموا وسلبوا ما
استطاعوا ولم يجدوا من يردعهم بعد وفاة «سيف الدولة الحمدانى»
سنة (٣٥٦هـ= ٩٦٧م)، فسار جماعة من أهل «الجزيرة» إلى «بغداد»
لاستنفار المسلمين ضد الروم، فاستعظم الناس ذلك، وتوجهوا إلى
«عز الدولة بختيار»، وأنكروا عليه انشغاله باللهو والصيد عن جهاد
الروم الذين انتهكوا حرمة دار الإسلام، فوعدهم بالإعداد لغزوهم،
واتصل بالخليفة «المطيع لله» يطلب منه المال ليجهز به المسلمين
للغزو، ولكن «المطيع لله» أجابه بقوله: «إن الغَزاة والنفقة عليها،
وغيرها من مصالح المسلمين تلزمنى إذا كانت الدنيا فى يدى،
وتُجبَى إلىَّ الأموال، وأما إذا كانت حالى هذه فلا يلزمنى شىء من
ذلك، وإنما يلزم مَن البلاد فى يده، وليس لى إلا الخطبة، فإن شئتم
أن أعتزل فعلت»، فهدد «بختيار» الخليفة «المطيع» واضطره إلى
دفع أربعمائة ألف درهم، فلما قبضها «عز الدولة» صرفها فى
مصالحه وملذاته!.
ونتيجة لسوء طبع بختيار واضمحلال شخصيته، بدأت أسباب الشقاق
والفتنة تظهر بين البويهيين، فقد حاول ابن عمه «ركن الدولة»
والملقب فيما بعد «عضد الدولة» انتزاع «العراق» من «بختيار» ولكن
والده «ركن الدولة» اعترض على ذلك، فاضطر «عضد الدولة» إلى
تأجيل ذلك إلى ما بعد وفاة والده.
ولعل من أخطر الأحداث التى شهدتها خلافة «المطيع لله» سيطرة
الفاطميين على «مصر» سنة (٣٥٨هـ= ٩٦٩م) وكانت «مصر» حينئذٍ
تحت حكم الإخشيديين الذين كانوا يخضعون للخليفة العباسى من
الناحية الشكلية، فلما دخلها القائد الفاطمى «جوهر الصقلى»
فى (شعبان سنة ٣٥٨هـ= يونيو سنة ٩٦٩م)، شرع فى بناء مدينة
«القاهرة»؛ لتصبح عاصمة للفاطميين، كما بنى الجامع الأزهر سنة