وقد حققت إمارة «محمود بن سبكتكين» قفزة هائلة فى مسار
«الدولة الغزنوية»، فترامت أطرافها، واتسع نفوذها، وذاع صيتها،
وأصبحت بلا منافس من حيث هيبتها العسكرية ومكانتها الحضارية،
وقد اشتهر «محمود بن سبكتكين» بلقب «السلطان»، كما خلع عليه
الخليفة «القادر بالله» لقب «يمين الدولة وأمين الملة» سنة (٣٨٩هـ =
٩٩٩م).
نجح «محمود بن سبكتكين» فى السنوات الأولى من إمارته فى
تعزيز وضعه الداخلى والقضاء على معارضيه، ثم صرف اهتمامه إلى
الفتوح فى بلاد «الهند»، وحقق انتصارات هائلة جعلته واحدًا من
أعظم الفاتحين فى التاريخ الإسلامى؛ ففى سنة (٣٨٩هـ = ٩٩٩م)
استولى على «خراسان» وقضى على سلطة السامانيين بها، وفى
سنة (٣٩٣هـ = ١٠٠٣م) استولى على «سجستان» التى كان حاكمها
«خلف بن أحمد» وهو من أكبر أعدائه.
وتعد فتوحات السلطان «محمود بن سبكتكين» فى بلاد
«الهند»،أعظم إنجاز له فى هذا المجال، ففى سنة (٣٩٥ هـ =
١٠٠٥م) استطاع فتح مدينة «بهاتية» الهندية بجوار إقليم «الملتان»،
وأقام بها حتى أصلح أمرها واستخلف بها مَنْ يُعلِّم مَنْ أسلم مِن
أهلها قواعد الإسلام وفرائضه، وفى سنة (٣٩٦هـ = ١٠٠٦م) استولى
على «الملتان» التى كانت تخضع لحكومة إسماعيلية شيعية تعادى
السلطان «محمود الغزنوى» وتتحالف ضده مع أعدائه الهنود غير
المسلمين.
واستمرت غزوات السلطان «محمود» المظفرة فى بلاد «الهند» بصورة
شبه منتظمة حتى سنة (٤١٦هـ = ١٠٢٥م) فنجح فى الاستيلاء على
قلعة «ناردين» الهندية المنيعة، بعد قتال عنيف سنة (٤٠٤هـ =
١٠١٣م) ودان له كثير من حكام المناطق المجاورة، وأقبل الهنود فى
تلك المناطق على اعتناق الإسلام، وأرسل إليهم السلطان من يفقههم
فى الدين، وفتح سنة (٤٠٩هـ = ١٠١٨م) مدينة «قنوج» الحصينة على
نهر «الجانج»، الذى يقدسه الهنود، واعتنق أهلها الإسلام.
وفى سنة (٤١٦هـ = ١٠٢٥م)، قام السلطان «محمود» بآخر غزواته