فى بلاد «الهند»، وهى غزوة «سُومْنَات» وكان بقلعة «سومنات»
الحصينة معبد يضم نفائس الذهب والفضة والجواهر، مما لا يوجد له
نظير فى أى مكان آخر فى شبه القارة الهندية، بالإضافة إلى صنم
البراهمة الأعظم الذى يحج إليه الهنود من كل مكان، فاقتحم السلطان
«محمود» هذه القلعة، فى (ذى القعدة سنة ٤١٦هـ = ديسمبر سنة
١٠٢٥م) بعد أن استبسل الهنود فى الدفاع عنها، واستولى على كل
ما فيها من نفائس قُدِّرت قيمتها بأكثر من عشرين مليون دينار، وحطم
السلطان «محمود» بنفسه صنم البراهمة الأعظم بسومنات وأرسل منه
قطعًا إلى «غزنة»، و «مكة» و «بغداد» إعلانًا بهذا الفتح العظيم،
وكان السلطان «محمود» يتصل -عادة- بالخليفة «القادر بالله» فى
«بغداد» بعد كل فتح عظيم فى البلاد الهندية؛ ليخبره بما فتح الله
للمسلمين فى هذه البلاد، مجددًا ولاءه له.
وأثناء قيامه بغزواته فى شبه القارة الهندية استطاع السلطان
«محمود» أن يضم إلى نفوذه إقليم «خوارزم» ويقضى على الأسرة
المأمونية المعادية له بها سنة (٤٠٧هـ = ١٠١٦م)، كما ضم إليه أيضًا
«الرى» و «قزوين» و «أصفهان» سنة (٤٢٠هـ = ١٠٢٩م) بمعاونة ابنه
«مسعود»، فاتسعت مملكته فى «خراسان» و «ما وراء النهر» و «شبه
القارة الهندية».
وبعد غزوة «سومنات» لم يتمكن السلطان «محمود» من مواصلة
حملاته الموفقة فى «شبه القارة الهندية»، بسبب اهتمامه بمواجهة
ثورات «العراق» و «خراسان» وخطر الأتراك السلاجقة.
وقد تُوفِّى السلطان «محمود» بغزنة فى شهر (ربيع الآخر سنة
٤٢١هـ = أبريل سنة ١٠٣٠م) وعمره واحد وستون عامًا، وكان قد
أوصى بالسلطة لابنه «محمد»، ولكنه لم يكن يتمتع بحب الجند
والرعية فتخلَّوا عنه وبايعوا أخاه الأكبر «مسعودًا» واستتب له الأمر
فى أواخر سنة (٤٢١هـ = ١٠٣٠م)، ووصل إلى «غزنة» من
«أصبهان» فى (جمادى الآخرة سنة ٤٢٢هـ = مايو سنة١٠٣١ م) وقد
ورث مملكة أبيه الشاسعة.