للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان السلطان «محمود بن سبكتكين» يتحلى بمواهب إدارية

متميزة، فقد استطاع بعد فتوحاته فى «الهند» أن يتألَّف الهندوس،

وأن يجعلهم جزءًا من نسيج دولته، وأن يستخدمهم فى جهازه

الإدارى وأن يجندهم فى جيشه، كما كان السلطان «محمود» يتحلى

بأخلاق رفيعة، ويكثر الإحسان إلى الرعية والرفق بهم، ويحب

العلماء ويكرمهم ويعظمهم وكان على مذهب «أبى حنيفة» فى

الفقه، وهو المذهب الذى مازال واسع الانتشار فى «شبه القارة

الهندية» و «أفغانستان» و «أواسط آسيا»، وكان السلطان «محمود»

شغوفًا بعلم الحديث النبوى، فكان الشيوخ يقرءونه بين يديه وهو

يسمع.

وقد قصده العلماء والشعراء من كل مكان، وكان أبرزهم المؤرخ

العربى «العُتْبى» (أبو النصر محمد بن عبدالجبار) صاحب كتاب

«اليمينى» الذى جمع فيه سيرة «يمين الدولة السلطان محمود»،

و «الريحان البيرونى» (محمد بن أحمد) صاحب المعرفة الموسوعية

فى الرياضيات والفلك والطب والتاريخ والجغرافيا، ومن أشهر كتبه

«الآثار الباقية عن القرون الخالية»، والشاعر الفارسى المعروف

«الفردوسى» (أبو القاسم حسن) صاحب الشاهنامة أو «كتاب

الملوك» وهو ملحمة شعرية تتألف من ستين ألف بيت، وقد أهداها

«الفردوسى» إلى السلطان «محمود» الذى كافأه عليها بستين ألف

درهم، لكن «الفردوسى» رأى أن هذه المكافأة أقل مما كان

يتوقع، فترك بلاط السلطان معترضًا!.

وكان «يمين الدولة السلطان محمود» حريصًا على تقديم كل فروض

الولاء لخليفة المسلمين، باعتبار منصب الخلافة رمزًا يجب صيانته

والمحافظة على مكانته، فالخلافة قد ارتبطت منذ قيامها بعزة

الإسلام ومجده، والتطاول على هذا المنصب العظيم يُعد استخفافًا

بكل ما يرمز إليه من قيم ومعانٍ.

وفاة الخليفة القادر بالله، ونبذة عن شخصيته:

تُوفِّى «القادر بالله» فى شهر (ذى الحجة سنة ٤٢٢هـ = نوفمبر سنة

١٠٣١م) وعمره سبع وثمانون سنة، ودامت خلافته واحدًا وأربعين

<<  <  ج: ص:  >  >>