للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيرة، وأعدلهم حكمًا، منصورًا فى حروبه، جوادًا يحب الإنفاق فى

وجوه الخير، لا يبخل بمال على ما ينفع العلم والدين، ومما يروى فى

ذلك أن أحد كبار حاشيته - وهو «تاج الملك» - أراد أن يفسد العلاقة

بينه وبين «نظام الملك»، فذكر له أن الوزير ينفق فى كل سنة على

أصحاب المدارس والفقهاء والعلماء ثلاثمائة ألف دينار، ولو جهز بهذا

المبلغ جيشًا لبلغ باب «القسطنطينية»! فطلب السلطان «ملكشاه»

حضور «نظام الملك» وسأله عن حقيقة الأمر فقال له: قد أعطاك الله -

تعالى - وأعطانى بك ما لم يعطه أحدًا من خلقه، أفلا نعوضه عن ذلك

فى حَمَلَةِ دينه وحَفَظَةِ كتابه ثلاثمائة ألف دينار؟! ثم إنك تنفق على

الجيوش المحاربة فى كل سنة أضعاف هذا المال مع أن أقواهم

وأرماهم لا تبلغ رميته ميلاً، ولا يضرب بسيفه إلا ما قرب منه، وأنا

أُجيش لك بهذا المال جيشًا تصل من الدعاء سهامه إلى العرش لا

يحجبها شىء عن الله تعالى!! فبكى السلطان وقال: «يا أبت

استكثر من الجيش، والأموالُ مبذولة لك، والدنيا بين يديك».

تدهور أوضاع السلاجقة بعد وفاة ملكشاه:

بدأت مظاهر الضعف تنتشر فى جسم «الدولة السلجوقية» عقب وفاة

«ملكشاه»، فظهر الانقسام والتمزق والفتن، باستثناء فترة حكم

السلطان «معز الدين سنجر أحمد»؛ حيث شهدت الدولة قوة وصحوة

مؤقتة.

ويوجد عدد من النقاط الأساسية التى لا يمكن إغفالها عند تناول

تاريخ الفترة التى شهدت تدهور أوضاع «السلاجقة»، وهى:

أولاً: فروع السلاجقة:

يتفرع «السلاجقة» إلى خمسة فروع رئيسية هى:

(أ) السلاجقة العظام:

وهم ستة: «طغرل بك»، و «ألب أرسلان»، و «ملكشاه»، و «ركن الدين

أبو المظفر بَرْكيَارُق» (٤٨٥ - ٤٩٨هـ = ١٠٩٢ - ١١٠٥م) و «غياث الدين

أبو شجاع محمد» (٤٩٨ - ٥١١هـ = ١١٠٥ - ١١١٧م)، و «معز الدين

سنجر أحمد» (٥١١ - ٥٥٢هـ = ١١١٧ - ١١٥٧م).

ورغم أن مصطلح «السلاجقة العظام» يطلق على هؤلاء الستة، إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>