السامانية وشعرائها وعن خوارزم، وتحدث أيضًا عن بنى بويه
وشعرائهم وكتابهم، وأسهب فى الحديث عن ابن العميد والصاحب بن
عباد، كما تحدث عن بلاط سيف الدولة وشعرائه وكتّابه، ولاشك أن
يتيمة الدهر تعد إحدى الموسوعات الأدبية الأساسية فى تاريخ الأدب
العربى، ولا تزال حتى يومنا هذا مصدرًا لا غنى عنه للباحثين فى
الحياة الأدبية فى القرن (٤ هـ = ١٠م).
ولم تكن أنشطة البحث التاريخى بأقل حظا من الأنشطة الأدبية فى
دولة الخلافة العباسية فى عصرها الثانى، وهذا مجال يطول فيه
الكلام ويتشعب، ولا سبيل إلى استقصاء الحديث فيه، ولكننا نكتفى
بتقديم بعض النماذج لأبرز المؤرخين وأهم أعمالهم التاريخية، ويقف
شامخًا بين أعلام المؤرخين فى صدر العصر العباسى الثانى أبو
جعفر محمد بن جرير الطبرى المتوفى سنة (٣١٠هـ = ٩٢٢م) فى
خلافة المقتدر بالله، وقد عاش الطبرى فى فترة التحول المهمة التى
انتقلت فيها الخلافة العباسية من عصرها الأول-عصر القوة السياسية
المركزية - إلى عصرها الثانى الذى بدأت فيه السلطة المركزية
تضعف ضعفًا ملحوظًا، وهكذا شهد الطبرى معظم عصر نفوذ الأتراك،
وقد ولد فى آمل بطبرستان فى سنة (٢٢٤هـ = ٨٣٩م) وأخذته الرحلة
فى طلب العلم إلى كثير من بقاع العالم الإسلامى كالعراق والشام
ومصر، ثم استقر به المقام أخيرًا فى بغداد وبها مات ودفن، وقد ترك
لنا الطبرى موسوعته التاريخية الذائعة الصيت وهى: «تاريخ الأمم
والملوك» المشهورة باسم «تاريخ الطبرى»، فى عشرة مجلدات،
وتناول الطبرى فى هذه الموسوعة الضخمة تاريخ ما قبل الإسلام منذ
بدء الخليقة بقدر من الاختصار فى المجلد الأول وبعض الثانى، ثم جاء
علاجه المفصل للأحداث منذ بدأ يتناول سيرة الرسول- صلى الله عليه
وسلم - وسيرة الخلفاء الراشدين، وما تلا ذلك من تاريخ الدولة الأموية
والعباسية حتى عصره، وقد توقف الطبرى بتاريخه عند أحداث سنة