ابن قتيبة عددًا من الموسوعات الأدبية المهمة يأتى على رأسها كتاب
«عيون الأخبار»، وكتاب «الشعر والشعراء»، ومن كتبه الأدبية المهمة
أيضًا كتاب «أدب الكاتب» الذى يتحدث فيه عما يحتاج إليه الأديب من
فنون المعرفة ليمارس صنعة الكتابة على الوجه الأمثل.
ويُعَدُّ أبو الفرج الأصفهانى أبرز أصحاب الموسوعات الأدبية فى هذا
العصر. وقد كان ملازمًا للوزير المشهور أبى محمد حسن بن محمد
المُهَلَّبى وزير معز الدولة أحمد بن بويه، وكان المهلبى بصحبة معز
الدولة عند انتقاله إلى بغداد، كما ذكرنا ذلك فى موضعه، ومما
يحفظه التاريخ للمهلبى أنه كان محبا للأدب مقرِّبا لأهله، وكان يعرف
لذوى القرائح الجيدة أقدارهم ويغدق عليهم من كرمه ورعايته، ومن
هنا قرب أبا الفرج الأصفهانى ورعى مكانته. ولاشك أن موسوعة
«الأغانى» للأصفهانى تعد من أهم الموسوعات الأدبية وأكثرها
انتشارًا وشمولاً فيما يختص بتاريخ الأدب العربى والثقافة العربية
حتى نحو منتصف القرن الرابع الهجرى. وقد توفى أبو الفرج
الأصفهانى فى سنة (٣٥٦هـ = ٩٦٧م).
ويتميز أيضًا بين أصحاب الموسوعات الأدبية «أبو منصور الثعالبى»
(وهو عبدالملك بن محمد بن إسماعيل)، ولد بنيسابور فى سنة
(٣٥٠هـ = ٩٦١م)، وتوفى فى سنة (٤٢٩هـ = ١٠٣٨م)، أى أنه عاش
حياته كلها فى فترة نفوذ البويهيين، وشهدت فترة تفتحه الأدبى
خلافة الطائع لله والقادر بالله، وتوفى فى خلافة القائم بأمر الله،
وكان الثعالبى غزير الإنتاج متنوع الاهتمامات العلمية، ولكن يقف
على رأس مؤلفاته جميعًا كتابه الموسوعى الضخم «يتيمة الدهر فى
محاسن أهل العصر»، وهو أكبر كتبه وأحسنها وأجمعها كما يقول
ابن خلكان، وهو من أربعة مجلدات صرف فيها جل اهتمامه لشعراء
القرن (٤هـ = ١٠م) ورتبهم على أوطانهم، فقد تناول فى أبواب
خاصة شعراء الشام ومصر والمغرب والموصل والبصرة وبغداد
وأصفهان والجبل وفارس والأهواز وجرجان، وتحدث عن الدولة